للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (١)؛ فإن هذا نص في نوع من أنواع النفقة أن الواجب على من عليه النفقة رزق من عليه إنفاقه، والرزق يشمل ما ذكرناه، وقال في الانتصار (٢): ومذهب الشافعي (٣): لا تجب أجرة الحمام، وثمن الأدوية، وأجرة الطبيب؛ لأن ذلك يراد لحفظ البدن، كما لا يجب على المستأجر أجرة إصلاح ما انهدم من الدار (٤)، وقال في الغيث (٥): الحجة أن الدواء لحفظ الروح، فأشبه النفقة. انتهى.

قلت: وهو الحق لدخوله تحت عموم قوله: ما يكفيك، وتحت قوله {رِزْقُهُنَّ}، فإن الصيغة الأولى عامة باعتبار لفظ (ما)، والثانية عامة لأنها مصدر مضاف، وهو من صيغ العموم، واختصاصه ببعض المستحقين للنفقة لا يمنع من الإلحاق. وبمجموع ما ذكرناه يتقرر لك أن الواجب على من عليه النفقة لمن له النفقة هو ما يكفيه بالمعروف، وليس المراد تفويض أمر ذلك إلى من له النفقة، وأنه يأخذ ذلك بنفسه حتى يرد ما أورده السائل - دامت إفادته - من خشية السرف في بعض الأحوال، بل المراد تسليم ما يكفي على وجه لا سرف فيه بعد تبين مقدار الكفاية بأخبار المخبرين، الأنبياء, تجريب المجربين، كما


(١) [البقرة: ٢٢٣].
(٢) انظر " مؤلفات الزيدية " (١/ ١٤١).
(٣) (٤/ ٦٠٩).
(٤) قال المطيعي في تكملته " المجموع " (٢٠/ ١٥١ - ١٥٢): ولنا وقفة عند هذا الأمر الذي ينبغي النظر إليه من خلال ما طرأ على حياة الناس من تغير وليس هذا الفرع بالشيء الثابت الذي لا يتأثر بالعوامل الإنسانية السائدة، فإنه إذا كان الزوجان في مجتمع أو بيئة أو دولة تكفل للعامل والشغال قدرا من الرعاية الصحية تحت اسم إصابة العمل، أو المرض أثناء الخدمة، فيتكفل صاحب لعمل ببعض نفقات العلاج أو كلها، فإنه ليس من المعروف أن نضرب المثل هنا بإجارة الدار مع الفارق بين الزوجة، والدار، والأقرب إلى التشبيه أن يكون المثل إنسانيا، فيضرب المثل بالعامل فإنه أولى .... وهذا أمر مستحب يدخل في فضل المروءة وحسن المعاشرة والإيثار. وقد ذهبنا إلى استحبابه للإجماع على عدم وجوبه بلا خلاف، وفي هذا رد على من قال بعدم طلب تطيب الزوجة من زوجها ".
(٥) تقدم التعريف به.