للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بحث في الطلاق المشروط]

السؤال الثاني: قال - كثر الله فوائده - ما لفظه: المسألة الثانية: رجل قال لأمرأته: إن لم تطلع الشمس فأنت طالق، وقال بعد ذلك: إن طلعت الشمس فأنت طالق، هل يحل وطؤها بالليل قبل طلوع الشمس أم قد وقع الطلاق فلا تحل مداناتها ليلا؟ أفيدوا. انتهى.

والجواب - بمعونة الوهاب - أنا نقول: قد تقرر في كتب الفقه أن مشروط الطلاق يترتب على الشرط نفيا وإثباتا، ولو مستحيلا، بل ثبت الترتب في الكتاب والسنة واللغة، وهو معلوم لا يجهل، بل ثبت الشرط المستحيل في الكتاب العزيز، قال الله تعالى: {فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ} (١) الآية. وقد خالف في أصل لزوم الطلاق المشروط الإمامية، والناصر، وبعض الظاهرية، فقالوا: لا يقع المعلق بالشرط؛ لأن لفظ الطلاق قد عدم عند وقوع الشرط، وهذه حجة داحضة، وشبهة فاسدة. قد شذ من عضدها العلامة الجلال في ضوء النهار (٢) بكلام ساقط قد أوضحت بطلانه في غير هذا الموضع (٣)، فلا نطول بذكره.

وإذا تقرر أن الحق وقوع الطلاق المعلق بالشرط، فنقول: هذا السؤال قد اشتمل على صورتين، الصورة الأولى: صورة النفي، وهي إن لم تطلع الشمس فأنت، والصورة الثانية صورة الإثبات، وهي إن طلعت الشمس فأنت طالق.

فأما الصورة الثانية فلا ريب أن الطلاق لا يقع إلا عند طلوع الشمس. وأما الصورة الأولى، فإن قلنا: إن الصيغة للفور وقع الطلاق في الحال، وإن قلنا: إنها للتراخي لم تطلق. وقد صرح أئمة الفروع بأن هذه الصيغة للتراخي كما يشعر بذلك ما في ..............


(١) [الأنعام: ٣٥].
(٢) (٣/ ٩٢٨ - ٩٣٠).
(٣) انظر " السيل الجرار " (٢/ ٣٧٣).