للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحمد (١): إلى أنه لا يمنع العتق، ويمنع غيره من الطلاق ونحوه، واحتج بما ورد في


(١) قال أحمد في رواية جماعة: فإن قال: أنت طالق إن شاء الله تعالى، طلقت زوجته، وكذلك العتاق. وهو قول طاوس، والحكم وأبي حنيفة، والشافعي؛ لأنه علقه على مشيئة لم يعلم وجودها، فلم يقع، كما لو علقه على مشيئة زيد.
وقد قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " من حلف على يمين، فقال: إن شاء الله، لم يحنث " رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
وذكره ابن قدامة في " المغني " (١٠/ ٤٧٢).
قال الشافعي: " لو قال: إن شاء الله، لم يقع، والاستثناء في الطلاق والعتق والنذور كما هو في الأيمان ".
" مختصر المزني " (ص ١٩٤)، " الحاوي الكبير " (١٣/ ١٣٢).
قال الماوردي: إذا علق طلاقه أو عتقه أو يمينه أو نذره أو إقراره بمشيئة الله تعالى، لم يلزمه شيء من ذلك، وكذلك جميع عقوده، وارتفع حكم الطلاق والعتق والأيمان والنذور والإقرار والعقود.
" الحاوي الكبير " (١٣/ ١٢٣).
وقال مالك: تقع بمشيئة الله حكم الأيمان بالله تعالى ولا يرتفع ما سوى الأيمان بالله من الطلاق والعتق والنذور والإقرار، وبه قال الزهري والليث بن سعد. "
المجموع " للنووي (١٨/ ٢٩٣)، " الحاوي الكبير " (١٣/ ١٢٣).
قال الماوردي: في " الحاوي الكبير " (١٣/ ١٢٣): " .... فمشيئة الله ترفع حكم كل قول اتصل بها من طلاق وغيره، سواء تقدمت المشيئة أو تأخرت أو توسطت. فلو قال: أنت طالق إن شاء الله، أو: أنت إن شاء الله طالق، أو: إن شاء الله أنت طالق، فلا طلاق ".
قال ابن قدامة في " المغني " (١٠/ ٤٧٢ - ٤٧٣): ولنا ما روى أبو جمرة قال: سمعت ابن عباس يقول: إذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق إن شاء الله. فهي طالق. رواه أبو حفص بإسناده، وعن أبي بردة نحوه، وروى ابن عمر وأبو سعيد ن قالا: كنا معاشر أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نرى الاستثناء جائزا في كل شيء إلا في العتاق والطلاق، ذكره أبو الخطاب. وهذا نقل للإجماع، وإن قدر أنه قول بعضهم فانتشر ولم يعلم له مخالف، فهو إجماع، ولأنه استثناء يرفع جملة الطلاق، فلم يصح، كقوله: أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا، ولأنه استثناء حكم في محل، فلم يرتفع بالمشيئة كالبيع والنكاح، ولأنه إزالة ملك، فلم يصح تعليقه على مشيئة الله كما لو قال: أبرأتك إن شاء الله، أو تعليق على ما لا سبيل إلى علمه، فأشبه تعليقه على المستحيلات، والحديث لا حجة لهم فيه، فإن الطلاق والعتاق إنشاء، وليس بيمين حقيقة، وإن سمي بذلك فمجاز، لا تترك الحقيقة من أجله، ثم إن الطلاق إنما سمي يمينا إذا كان معلقا على شرط يمكن تركه وفعله، ومجرد قوله: أنت طالق. ليس بيمين حقيقة، ولا مجازا، فلم يمكن الاستثناء بعد يمين.
وقولهم علقه على مشيئة لا تعلم. قلنا: قد علمت مشيئة الله الطلاق بمباشرة الآدمي سببه. قال قتادة: قد شاء الله حين أذن أن يطلق , ولو سلمنا أنها لم تعلم، لكن قد علقه على شرط يستحيل علمه، فيكون كتعليقه على المستحيلات، يلغو، ويقع الطلاق في الحال.