كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني

الفقه وأصوله - بحث في الطلاق الثلاث مجتمعة هل يقع أم لا؟ - ج: 7 - ص: 3464

الرابع: أنه يقع واحدة رجعية من غير فرق المدخول بها وغيرها، وهذا مذهب ابن عباس على الأصح (١)، وابن إسحاق (٢)، وعطاء (٣) وعكرمة، وأكثر أهل البيت عليهم السلام، وهو أصح هذه الأقوال. ولنشرع الآن في سرد أدلته، ونشير إلى أدلة الأقوال المتقدمة في أثناء المقاولة، إشارة تلم بجميعها ميلا إلى الاختصار.

فنقول: من أدلة ذلك قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} (٤) أي الطلاق الذي لكم فيه رجعة بشهادة السبب، وهو ما أخرجه الترمذي (٥) وابن مردويه (٦)، والحاكم (٧) وصححه، والبيهقي في سننه (٨)، من طريق هشام عن عروة عن أبيه، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان الرجل يطلق امرأته ما شاء أن يطلقها، وهي امرأته إذا ارتجعها، وهي في العدة، وإن طلقها مائة مرة أو أكثر، حتى قال رجل: والله لأطلقنك فتلبثي، ولأوذينك، قالت: وكيف ذلك؟ قال: أطلقك فكلما همت عدتك أن تنقضي راجعتك، فذهبت المرأة حتى دخلت على عائشة، فأخبرتها، فسكتت، حتى جاء النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخبرته فسكت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى نزل القرآن: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (٩) قالت عائشة - رضي الله عنها -: فاستأنف الناس الطلاق مستقبلا، من كان طلق ومن لم يطلق.

---

(١) عزاه إليه ابن حجر في " الفتح " (٩/ ٣٦٣).
(٢) عزاه إليه ابن حجر في " الفتح " (٩/ ٣٦٣).
(٣) عزاه إليه ابن حجر في " الفتح " (٩/ ٣٦٣).
(٤) [البقرة: ٢٢٩].
(٥) في " السنن " رقم (١١٩٢) عن يعلى بن شبيب عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة.
ورواه الترمذي عن أبي كريب عن ابي إدريس عن هشام عن أبيه مرسلا، وقال: هذا أصح من حديث يعلى بن شبيب.
(٦) عزاه إليه ابن كثير في تفسيره (١/ ٦١١).
(٧) في " المستدرك " (٢/ ٢٧٩) وقال: صحيح الإسناد، وتعقبه الذهبي بأن يعقوب بن حميد ضعفه غير واحد.
(٨) في السنن الكبرى (٧/ ٣٣٨).
(٩) [البقرة: ٢٢٩].