قال المثبتون للتحريم برضاع الكبير: ١ - أن الرضاعة التي تتم بتمام الحولين، أو بتراضي الأبوين قبل الحولين إذا رأيا في ذلك صلاحا للرضيع، إنما هي الموجبة للنفقة على المرأة المرضعة، والتي يجبر عليها الأبوان أحبا أم كرها. ولقد كان في الآية كفاية من هذا لأنه تعالى قال: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٣٣] فأمر الله تعالى الوالدات بإرضاع المولود عامين، وليس في هذا تحريم للرضاعة بعد ذلك. ولا أن التحريم ينقطع بتمام الحولين، وكان قوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: ٢٣]، ولم يقل في حولين، ولا في وقت زائدا على الآيات الأخر، وعمومها لا يجوز تخصيصه إلا بنص يبين أنه تخصيص له , لا بظن، ولا محتمل لا بيان فيه، وكانت هذه الآثار يعني التي فيها التحريم برضاع الكبير قد جاءت مجيء التواتر ... ". قال الأمير الصنعاني في " سبل السلام " (٦/ ٢٦٥): لا يخفى أن الرضاعة إنما تصدق على من كان في سن الصغر وعلى اللغة وردت آية الحولين وحديث " إنما الرضاعة من المجاعة ". - أخرجه البخاري رقم (٥١٠٢) ومسلم رقم (٣٢/ ١٤٥٥) من حديث عائشة - والقول بأن الآية لبيان الرضاعة الموجبة للنفقة لا ينافي أيضًا أنها لبيان زمان الرضاعة، بل جعله الله تعالى زمان من أراد تمام الرضاعة وليس بعد التمام ما يدخل في ما حكم الشارع بأنه قد تم. ٢ - قالوا: ونعلم يقينا أنه لو كان لك خاصا بسالم، لقطع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الإلحاق ونص على أنه ليس لأحد بعده، كما بين لأبي بردة بن نيار أن جذعته تجزئ عنه، ولا تجزئ عن أحد تعده - وهو حديث صحيح متفق عليه - وأين يقع ذبح حذعة أضحية من هذا الحكم العظيم، به حل الفرج وتحريمه، وثبوت المحرمية والخلوة بالمرأة والسفر بها؟ فمعلوم فطعا أن هذا أولى ببيان التخصيص لو كان خاصا. قال الحافظ في " الفتح " (٩/ ١٤٩): ومنها دعوى الخصوصية بسالم وامرأة أبي حذيفة، والأصل فيه قول أم سلمة وأزواج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما نرى هذا إلا رخصة أرخصها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لسالم خاصة وقرره ابن الصباغ وغيره بأن أصل قصة سالم ما كان وقع من التبني الذي أدى إلى اختلاط تسالم بسهلة فلما نزل الاحتجاب ومنعوا من التبني شق ذلك على سهلة فوقع الترخيص لها في ذلك لرفع ما حصل من المشقة. قال الحافظ: وهذا فيه نظر أنه يقتضي إلحاق من يساوي سهلة في المشقة والاحتجاج بها فتنفي الخصوصية، ويثبت مذهب المخالف، لكن يفيد الاحتجاج. وقرره الآخرون بأن الأصل أن الرضاع لا يحرم، فلما ثبت ذلك في الصغر خولف الأصل له، وبقي ما عداه على الأصل، وقصة سالم واقعة عين يطرقها احتمال الخصوصية فيجب الوقوف عن الاحتجاج بها.