للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله المطهرين، فإنه ذاكر بعض الأعلام - أبقاه الله - في رضاع الكبير (١)، هل يثبت به حكم التحريم أم لا يثبت الحكم إلا إذا كان الرضيع في سن الرضاعة، وطلب من الجواب، وما وسع إلا مطابقته وموافقته، مع كون المسألة مع تعارض أدلتها، وتشعب أطرافها وجهاتها، وكثرة الأنظار فيها من نضار أئمتها يقتضي وقوف النظر، وعدم النفوذ في المسلك الذي لا يخلو عدم الإمعان فيه من خطر.

والجواب - والله أعلم بالصواب - أنه وقع الاتفاق على أن الرضاع بالجملة يحرم منه ما يحرم من النسب (٢)، أعني أن المرضعة تنزل منزلة الأم، فتحرم على الرضيع هي وكل ما يحرم على الابن من قبل أم النسب. واختلفوا فيما عدا ذبك من التفاصيل، فذهب أئمتنا - عليهم السلام - والجمهور من الصحابة، والتابعين، وأبو حنيفة (٣) والشافعي (٤)، ومالك (٥) إلى أن الرضاع لا يحرم إلا ما كان في مدته، وهي حولان. وذهبت عائشة، والليث (٦) وداود إلى أن الرضاع يحرم مطلقا، سواء كان المرضع كبيرا أو صغيرا، ولكنه قال الحافظ ابن حجر (٧): إن في نسبة القول هذا إلى داود نظر،


(١) انظر الرسالة رقم (١٠٨). من الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني.
(٢) يشير إلى الحديث الذي أخرجه البخاري رقم (٢٦٤٥) ومسلم رقم (١٤٤٧): من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ".
(٣) انظر: " البناية في شرح الهداية " (٤/ ٨٠٧ - ٨٠٩).
(٤) في " الأم " (١٠/ ٩٤ - ٩٦).
(٥) " المفهم " للقرطبي (٤/ ١٨٨)، " الموطأ " (٢/ ٦٠٨).
وانظر " فتح الباري " (٩/ ١٤٦).
(٦) انظر " المحلى " (١٠/ ١٨ - ١٩).
(٧) في " فتح الباري " (٩/ ١٤٧).