للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأن ابن حزم ذكر عن داود مثل ما قاله الجمهور، وكذا نقل غيره من أهل الظاهر، وهم أخبر بمذهب صاحبهم، هكذا قال. وفي المسألة أقوال لا مقتضى لذكرها، فلنقتصر على محل البحث، كما أشرنا إليه. استدل أئمتنا - عليهم السلام - والجمهور بقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} (١) فقصرت الآية الشريفة الإتمام على الحولين، ونفت الزيادة كما دل على ذلك المفهوم، وبما أخرجه البخاري (٢)، ومسلم (٣) وأبو داود (٤)، عن عائشة قالت: دخل علي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وعندي رجل قاعد، فاشتد ذلك عليه، ورأيت الغضب في وجهه، فقلت: يا رسول الله إنه أخي من الرضاعة، فقال: " انظرن من إخوانكن من الرضاعة، فإنما الرضاعة من المجاعة " والمعنى كما قال الحافظ (٥): تأملن ما وقع من ذلك، هل هو رضاع صحيح، شرطه من وقوعه في زمن الرضاع، فإن الحكم الذي ينشأ من الرضاع إنما يكون إذا وقع الرضاع المشترط.

وقال المهلب (٦): معناه: انظرن ما سبب هذه الأخوة، فإن حرمة الرضاعة إنما هي في الصغر حين تسد الرضاعة المجاعة.

وقال أبو عبيد (٧): إن الذي جاع كان طعامه الذي يشبعه اللبن [من الرضاع] (٨) لا حيث يكون الغذاء بغير ..............


(١) [البقرة: ٢٣٣].
(٢) في صحيحه رقم (٥١٠٢).
(٣) في صحيحه رق م (١٤٥٥).
(٤) في " السنن " رقم (٢٠٥٨).
(٥) في " الفتح " (٩/ ١٤٨).
(٦) ذكره الحافظ في " الفتح " (٩/ ١٤٨).
(٧) ذكره الحافظ في " الفتح " (٩/ ١٤٨)، وابن القيم في " زاد المعاد " (٥/ ٥٢٣).
(٨) زيادة من الفتح (٩/ ١٤٨).