للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد أجاب عليه ثلاثة من علماء الإسلام، هم في كل فن راسخو الأقدام، بل هم ورابعهم السائل، كثر الله فوائده.

أربعة (١) عندي هم ما هم ... أعلم من يهدي طريق الصواب

فمن رام الوقوف على تحقيق الحق في هذه المسألة فليضم ما حرروه إلى ما أحرره - إن شاء الله - هنا فأقول، مستعينا بالله، ومتكلا عليه:

إن الخيارات الثلاثة عشر المعدودة في كتب الفقه كل واحد منها لا يخلو عن نوع من أنواع الغرر، فهو العلة المقتضية للفسخ في جميعها، ورجوع بعضها إليها ظاهر لا يخفى، ورجوع البعض الآخر فيه بعض خفاء يزول بالبيان، ونحن الآن نبين لك ذلك لتعلم صحة ما ذكرناه، فنقول:

الأنواع التي ترجع إلى الغرر رجوعا واضحا هو تسعة:

الأول: خيار فقد الصفة (٢)؛ فإنه إنما ثبت الفسخ به لكون المشتري لما فقد الصفة التي اعتقد وجودها في المبيع كان مغرورا في الجملة، وإن لم يكن للبائع عناية في ذلك؛ إذ المراد وجود الغرر، فإن الباعث على المبيع هو كون المشتري اعتقد المبيع متصفا بتلك الصفة، هذا على فرض أنها لم تكن مشروطة، ولكنه قد حصل العلم بأن المشتري كان عند العقد معتقدا لوجودها، أما إذا كانت مشروطة فالأمر أوضح.

الثاني: خيار الخيانة في المرابحة (٣)، ....................


(١) انظر " المغني " (٦٦/ ٢٦٦).
(٢) انظر " المغني " (٦/ ٣٣ - ٣٤).
(٣) قال العيني في " البناية في شرح الهداية "
(٧/ ٤١٣ - ٤١٥): المرابحة نقل ما ملكه بالعقد الأول بالثمن مع زيادة ربح.
وقيل: نقل ما ملكه من السلع بما قام عندهم.
وقال " القدوري " المرابحة: نقل ما ملكه بالعقد الأول بالثمن الأول مع زيادة ربح.
والمرابحة: مصدر رابح من باب المفاعلة الذي يستدعي مشاركة الاثنين.
وانظر: " الحاوي الكبير " (٦/ ٣٣٩).
قال الماوردي في " الحاوي الكبير " (٦/ ٣٣٩): بيع المرابحة، فصورته: أن يقول: أبيعك هذا الثوب مرابحة، على أن الشراء مائة درهم وأربح في كل عشرة واحد، فهذا بيع جائز لا يكره، وحكى عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس عنهما: أنهما كرها ذلك مع جوازه.
وحكي عن إسحاق بن راهويه: أنه أبطله ومنع من جوازه، استدلالا بأن الثمن مجهول، وإن كذبه في إخبار الشراء غيري مأمون.
وقال النووي في " الروضة " (٣/ ١٨٥): " هو بيع جائز من غير كراهة، وهو عقد يبني الثمن فيه على ثمن البيع الأول مع زيادة، وله عبارات متداولة ".