للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمين وآله الطاهرين.

وبعد:

فإني وقفت على ما حرره المولى شرف الإسلام، زين الأعلام، الحسن بن يحي الكبسي (١) - كثر الله فوائده، ومد على طلاب العلم موائده - على رسالتي التي سميتها " إيضاح الدلالات على إحكام الخيارات " (٢) فوجدته - عافاه الله - قد أفاد وأجاد , وجاء بعلوم غزيرة المواد، ولما كان ذلك البحث المشتمل على المناقشة قد تضمن الاستفهام في غضون الكلام استحسنت تحرير هذه الكلمات لتمام الفائدة.

قال - كثر الله فوائده -: وينبغي أن ينظر في حقيقة الغرر لغة ... إلخ.

أقول: تقرر في الأصول وغيرها أن الواجب تفسير ألفاظ الكتاب والسنة على ما تقتضيه لغة العرب، لأنهما وإن كان الخطاب فيهما لكل ما يتعلق به الخطاب من الأمة، لكن لا خلاف أنه للجميع بلسان العرب، لا بلسان غيرهم، ولا بلسانهم مع لسان غيرهم، فإذا نظرنا في لفظ من ألفاظهما وقع فيه النزاع كان الحق بيد من كانت لغة العرب معه، إلا أن يتقرر بنقل صحيح أن لذلك اللفظ معنى شرعيا، فالحقائق الشرعية (٣) مقدمة، ولا تلازم بين ما ينقله بعض علماء الشريعة، وينسبه إلى الاصطلاح، وبين المعنى الشرعي؛ فإن المعاني الاصطلاحية هي مما اصطلح عليه أهل الشرع، ولو بعد عصر النبوة بدهر طويل، وهذا معلوم لكل باحث، ومن عرف العلوم الشرعية عرف ما يصطلحون عليه في كل فن من الاصطلاحات الحادثة التي تواضعوا عليها؛ وكذلك من عرف غير


(١) تقدمت ترجمته في الرسالة رقم (١١٠).
(٢) وهي الرسالة رقم (١١٠).
(٣) تقدم توضيح الحقيقة الشرعية، واللغوية، العرفية.
وانظر: " الإحكام " للآمدي (١/ ٥٣)، " إرشاد الفحول " (ص ١٠٧ - ١١٠).