للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يدري هل يحصل أم لا، فإن هذا المعنى عام كالمعاني المتقدمة، لأنه لما تحصل الدراية كان الباطن مجهولا، والمجهول مكروه لا محبوب.

وأما قوله: كالطير في الهواء (١)، والسمك في الماء. فهذا تمثيل للغرر بعض أنواعه، وليس المثال قيدا كما هو الظاهر في مثل هذه العبارة، وكما تدل عليه كاف التمثيل، فهذا المعنى العام للغرر الذي نقله هؤلاء الأئمة وغيرهم هو الذي أريده، والمصير إليه متحتم، لأن تفسير ذي المعنى العام ببعض أفراده بدون مخصص تحكم، وهذا المعنى هو وصف ظاهر منضبط، وأما مأخذ عليته فبعد تسليم أنه ورد النهي عنه، بل تواتر ذلك تواتر معنويا، لا وجه للتردد في كونه العلة للنهي عن البيع المشتمل عليه، فكل بيع غرر يدخل تحت النهي، فيكون له حكمه، ولا يصح من البيوع المشتملة على


(١) انظر " فتح الباري " (٤/ ٣٥٧). " المفهم " للقرطبي (٤/ ٣٦٢).
وقد أخرج أحمد في مسنده (١/ ٣٨٨) من حديث ابن مسعود: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تشتروا السمك في الماء فإنه غرر ".
وفى إسناده يزيد بن أبي زياد، وقد رجح البيهقي وقفه.
وأخرج مسلم في صحيحه رقم (٤/ ١٥١) وأبو داود رقم (٣٣٧٦) والترمذي رقم (١٢٣٠) وابن ماجه رقم (٢١٩٤) والنسائي (٧/ ٢٦٢رقم ٤٥١٨) من أبي هريرة قال: " أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن بيع الغرر ".