للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يرد في الشريعة قاعدة كلية تدل على أن المثلي مضمون بمثله، ولا يعدل إلى قيمته إلا عند عدمه، بل هو مجرد رأي مبني على اصطلاح حادث وهو قولهم: هذا مثلي، وهذا قيمي (١)، والعرب لا تعرف ذلك، ولا هو موافق لما كانت عليه لغتها، فإنهم يقولون: هذا السيف مثل هذا السيف، وهذا البعير مثل هذا البعير، وهذا الثوب مثل هذا الثوب، ونحو ذلك. ويقولون في المثليات باصطلاح الفقهاء أن بعضها قيمة للبعض الآخر، وهذا معروف في لسانهم، مشهور، فعرفت بهذا أن كون المثلي هو ما تساوت أجزاؤه (٢)، وكان له مثل في الصورة، وقل التفاوت فيه، والقيمي هو ما لم


(١) قال ابن قدامه في " المغني " (٧/ ٣٢٦): وما تتماثل أجزاءه / وتتقارب صفاته، كالدراهم والدنانير والحبوب والأدهان، ضمن بمثله، بغير خلاف.
قال ابن عبد البر: كل مطعوم، من مأكول أو مشروب، فمجمع على أنه يجب على مستهلكيه مثله لا قيمته. وأما سائر المكيل والموزون، فظاهر كلام أحمد أنه يضمن بمثله أيضا، فإنه قال: في رواية حرب وإبراهيم بن هانئ، ما كان من الدراهم والدنانير، وما يكال ويوزن، فعليه مثله دون القيمة، فظاهر هذا وجوب المثل في كل مكيل وموزون، إلا أن يكون مما فيه صناعة كمعمول الحديد والنحاس والرصاص من الأواني والآلات ونحوها، والحلي من الذهب والفضة وشبهه.
والمنسوج من الحديد والكتان والقطن والصوف والشعر، والمغزول من ذلك، فإنه يضمن بقيمته، لأن الصناعة تؤثر في قيمته، وهي مختلفة فالقيمة فيها أحصر.
انظر: " فتح الباري " (٥/ ١٢٦).
(٢) انظر " لسان العرب " (١٣/ ٢١): مثل: كلمة تسوية يقال هذا مثله ومثله كما يقال شبهه وشبهه بمعنى قال ابن بري: الفرق بين المماثلة والمساواة أن المساواة تكون بين المختلفين في الجنس والمتفقين لأن التساوي هو التكافؤ في المقدار لا يزيد ولا ينقص، أما المماثلة قلا تكون إلا بالمتفقين تقول: نحوه كنحوه، وفقهه كفقهه ولونه كلونه وطعمه كطعمه، فإذا قيل هو مثله على الإطلاق فمعناه أنه يسد مسده.