للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن حبيب المالكي (١): الشراء للبادي مثل البيع له لقوله: " لا يبيع بعضكم على بيع بعض " (٢) فإن معناه الشراء.

وعن مالك روايتان (٣)، وكرهه ابن سيرين (٤).


(١) عزاه إليه الحافظ في " الفتح " (٤/ ٣٧٣).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٢١٤٠) وأطرافه (٢١٤٨،٢١٥٠،٢١٥١، ٢١٦٠، ٢١٦٢، ٢٧٢٣، ٥١٤٤، ٥١٥٢، ٦٦٠١) ومسلم في صحيحه رقم (١٥١٥). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أن يبيع حاضر لباد، ولا تناجشوا، ولا يبيع الرجل على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه، تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في إنائها ".
وأخرجه النسائي في " السنن " (٧/ ٢٥٨رقم ٤٥٠٣) وأحمد (٢/ ١٢٦، ١٥٣) عن ابن عمر قال أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يبيع أحدكم على بيع أخيه ".
وأخرجه البخاري في صحيحه رقم (٥١٤٢) ومسلم رقم (٨/ ١٤١٢).
(٣) قال ابن قدامة في " المغني " (٦/ ٣١٠ - ٣١١) وعن مالك في ذلك روايتان ووجه القول الأول أن النهي غير متناول للشراء بلفظه ولا هو في معناه، فإن النهي عن البيع للرفق بأهل الحضر ليتسع عليهم السعر ويزول عنهم الضرر وليس ذلك في الشراء لهم، إذ لا يتضررون لعدم الغبن للبادين، بل هو دفع الضرر عنهم، والخلق في نظر الشارع على السواء، فكما شرع ما يدفع الضرر عن أهل الحضر لا يلزم أن يلزم أهل البدو الضرر.
وأما إن أشار الحاضر على البادي من غير أن يباشر البيع له، فقد رخص فيه طلحة بن عبيد الله، والأوزاعي، وابن المنذر، وكرهه مالك، والليث، وقول الصحابي حجة ما لم يثبت خلافه.
وقد صح عند أحمد - الشراء لهم - وهو قول الحسن، وكرهت طائفة الشراء لهم، كما كرهت البيع.
(٤) قال البخاري في صحيحه (٤/ ٣٧٢رقم ٧٠) لا يشتري حاضر لباد بالسمسرة وكرهه ابن سيرين وإبراهيم للبائع والمشتري.
وقال إبراهيم: " إن العرب تقول بع لي ثوبا وهي تقصد الشراء ".
انظر " فتح الباري " (٤/ ٣٥٤)، و" البناية في شرح الهداية " (٧/ ٣٩٠ - ٣٩١).
قال ابن قدامة في " المغني " (٦/ ٣٠٥ - ٣٠٦) قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لا يبيع بعضكم على بيع بعض " معناه: أن الرجلين إذا تبايعا، فجاء آخر إلى المشتري في مدة الخيار، أنا أبيعك مثل هذه السلعة بدون هذا الثمن أو أبيعك خيرا منها بثمنها أو دونها، أو عرض عليه سلعة رغب فيها المشتري، ففسخ البيع، واشترى هذه فهذا غير جائز، لنهي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولما فيه من الأضرار بالمسلم والإفساد عليه، وكذلك إن اشترى على شراء أخيه، وهو أن يجيء إلى البائع قبل لزوم العقد، فيدفع في المبيع أكثر من الثمن الذي اشترى به، فهو محرج أيضًا لأنه في معنى النهي عنه، ولأن الشراء يسمى بيعا فيدخل في النهي، فالبيع باطل، لأنه منهي عنه، والنهي يقتضي الفساد.
وقال ابن حجر في " الفتح " (٤/ ٣٥٣): قال العلماء البيع على البيع حرام وكذلك الشراء على الشراء، وهو أن يقول لمن اشترى سلعة في زمن الخيار: افسخ لأبيعك بأنقص، أو يقول للبائع افسخ لأشتري منك بأزيد، وهو مجمع عليه.
وأما السوم فصورته أن يأخذ شيئا ليشتريه فيقول له رده لأبيعك خيرا منه بثمنه أو مثله بأرخص، أو يقول للمالك استرده لأشتريه منك بأكثر، ومحله بعد استقرار الثمن وركون أحدهما إلى الآخر فإن كان ذلك صريحا فلا خلاف في التحريم، وإن كان ظاهرا ففيه وجهان للشافعية، ونقل ابن حزم الركون على مالك.