للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمور، وقد ساوت قطعي الدلالة في الأقيسة إليها، ولا عاد التفات إلى التأني والنظر، هل المشتري قاصد محض التوصل إلى الغلة على فرض صحته أم لا؟ بل يمنع صدور الحكم من الحاكم إلا عدم ورود الشهود، فإنه دون الثمن ولم يكن من حكام المخلاف من يتورع عن هذا الحكم بهذه المسألة، وعن الجزم فيها، إلا حفظه الله، وبارك في علومه.

على أنى ممن يتعاطى فصل الأقضية بين الناس، ولبثت مدة من جملة هؤلاء المذكورين مقلدا لذلك القول المريض، ومعولا على ذلك الأستاذ المهيص (١)، وكنت في سنة ١٢٠٥ هداني الله إلى تحرير بحث في الرد على هذا المقال، والاتباع لهدي سيد الرجال، لكن لم أجد من ينصر ذلك المقال، ويشد أزره بما تشد إليه الرحال، ثم اعتراني طرق الترحال من تلك الأوطان، وتعاورت على العزمات إلى نائي البلدان، فأضربت صفحا عن توجيه الهمة إلى تكميل ذلك البحث، وإظهاره على النقاد، ليرى السمن منه والغث إلا مدارة كثرة دوران هذه المسألة، بعثني على تحرير هذه المذاكرة، بها إلى علامة المعقول والمنقول، القائم بما جاء به الكتاب، وهدي الرسول شيخ الإسلام، وقدوة العلماء الأعلام، الحقيق بما مدحه به بعض أفاضل الأنام:

علامة المعقول والمنقول من ... حكمت له العليا على أترابه

فذ الزمان تؤم المجد الذي ... ساد الأكابر في أوان شبابه

بدر الهدى النظار سله مقبلا ... كفيه ملتمسا لرد جوابه

العالم الرباني محمد بن على الشوكاني الصنعاني، فيوضح في تحقيق هذه المسألة السبيل، وينقح صحتها أو بطلانها بواضح الدليل، فلعل الله أن يهدي به من


(١) المهيص: هاص يهيص هيصا إذا رمى.
قال: مهايص جمع مهيص: الهيص العنق بالشيء، والهيص رق العنق.
" لسان العرب " (١٥/ ١٧٩).