وأصول ذلك فاسدة، وإن عرفنا الناس ببطلانه وانهدام بنيانه، فقد أغرق الناس فيه، واستمروا على ما يمكن تلافيه، وكان ذلك يؤدي إلى فتح أبواب واسعة من الشجار، وإثارة فتن كبار.
قال: ومن أجل الذي قوى لنا لا نحكم به، ولا نشهد فيه، ولا نحصر عليه، ولا نلزم به تسليم الأجرة، أو غلة فيه. ومن أجل خشية فتح أبواب الشجار لا يكاد يذكر مذهبنا للمتنازعين في شأنه، ولا يلزم المشتري رد ما استفاد استصلاحا، انتهي كلامه وفيه زيادة على هذا المقدار.
وفى موضع آخر من فتاوى الإمام عز الدين المذكورة، ولعله من كلام محمد بن أمير المؤمنين أحمد بن عز الدين بن الحسن، وهو الجامع لتلك الفتاوى ما لفظه: بيع الرجا ليس للمؤيد بالله فيه نص، إنما أخذ من قوله: بجواز بيع الشيء بأكثر من سعر يومه لأجل النسا، لأنه احتج بقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:" نحن نحكم بالظاهر "(١) فخرج له جواز هذا، وبنوا على أنه عليه السلام لا يعتبر الضمير وقد زاد المذاكرون ونقصوا، وطولوا وقصروا، وهي مسألة غير مرضية، ونحن من أشد الناس مبالغة في النهي عن هذه المسألة واعتمادها، وفى بطلان هذا البيع في جميع صوره وأساليبه، واختلاف الأعراف فيه، وتحريمه على البائع والمشتري، والكاتب والشاهد. وقد أثر ذلك في كثير من الجهات والنواحي انتهى.
أقول: إذا كان بيع الرجا واقعا على الصورة الأولى التي ذكرها الإمام عز الدين من أن المقصود هو أن يريد الرجل استقراض مائة درهم من أجل، ولكن المقرض لا يرضى إلا بزيادة فيزيدان من إثم الزيادة في القرض، فيبيع منه أرضا بتلك المائة الدرهم، ويجعل له الغلة عوضا ينتفع بها عن المائة التي استقرضها، وليس المراد البيع والشراء الذي أذن الله فيه، فلا شك أن صورة هذا البيع محرمة يجب على كل مسلم