للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تملك، وهكذا كلامهم في الشفعة، فإنه ذكر جماعة من أهل الفروع منهم صاحب التمهيد والكواكب بأنه لو سبب الشفعة أرضا واجترحها السيل فلا شفعة، فإن هذا يفيد أنه قد ذهب الملك بذهاب الطبقة العليا من الأرض، وأن الذي ظهر إنما هو حق لا ملك، وهكذا ذكروا أن عروق الأشجار المغروسة في الأرض المحياة والأرض المبيعة يكون من الحقوق التابعة لها (١)، وهذا يفيد أن التخوم حق لا ملك.

وذكروا في المسجد أن حكمه ثابت ما بقى قراره، وأنه إذا ذهب جاز بيعه (٢). وهكذا الأرض الموقوفة (٣) إذا ذهب قرارها جاز بيعها. وهذا يفيد أن التخوم ملك


(١) انظر " المغني " (٦/ ١٤٢).
(٢) قال النووي في " المجموع " (١٦/ ٣٣٠): أما المسجد فإنه إذا انهدم وتعثرت إعادته فإنه لا يباع بحال لإمكان الانتفاع به حالا بالصلاة في أرضه، وبهذا، قال مالك رضي الله عنه.
* وقال أصحاب أحمد: إذا تعطلت منافع الوقف كدار انهدمت أو أرض عادت مواتا أو مسجد انصرف أهل القرية عنه وصار في موضع لا يصلي فيه أو ضاق بأهله ولم يكن توسيعه في موضعه، أو تشعب جميعه فلم تمكن من عمارته ولا عمارة بعضه إلا ببيع بعضه، جاز بيع بعضه جاز بيع بعضه لتعمر به بقيته وإن لم يمكن الانتفاع بشيء منه بيع جميعه.
" المغني " (٨/ ٢٢٠ - ٢٢١).
(٣) انظر التعليقة السابقة.
قال محمد بن الحسن: إذا خرب المسجد أو الوقف، عاد إلى ملك واقفه، لأن الوقف إنما الوقف إنما هو تسبيل المنفعة، فإذا زالت منفعته، زال حق الموقوف عليه منه، فزال ملكه عنه. وقال مالك والشافعي: لا يجوز بيع شيء من ذلك لقول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يباع أصلها، ولا تبتاع، ولا توهب، ولا تورث " ولأن ما لا يجوز بيعه مع بقاء منافعه، لا يجوز بيعه مع تعطلها، كالمعتق، والمسجد أشبه الأشياء بالمعتق. "
المجموع " (١٦/ ٣٣١).
قال ابن قدامة في " المغني " (٨/ ٢٢١): " ولنا: ما روى أن عمر رضي الله عنه كتب إلى سعد، لما بلغه أنه قد نقب بيت المال الذي بالكوفة، أن نقل المسجد الذي بالتمارين، واجعل بيت المال في قبلة المسجد، فإنه لا يزال في المسجد مصل. وكان هذا بمشهد من الصحابة، ولم يظهر خلافه فكان إجماعا.
ولأن فيما ذكرناه استبقاء الموقف بمعناه عند تعذر إبقائه بصورته فوجب ذلك.
قال ابن عقيل: الوقف مؤبد، فإذا لم يكن تأييده على وجه يخصصه استبقاء الغرض، وهو الانتفاع على الدوام في عين أخرى، وإيصال الإبدال جرى مجرى الأعيان، وجمودنا على العين مع تعطيلها تضييع للغرض.
ويقرب هذا من الهدي إذا عطب في السفر، فإنه يذبح في الحال. وإن كان يختص بموضع فلما تعذر تحصيل الغرض بالكلية استوفى منه ما أمكن وترك مراعاة المحل الخاص عند تعذره، لأن مراعاته مع تعذره تفضي إلى فوت الانتفاع بالكلية، وهكذا الوقف المعطل المنافع.
وانظر " المجموع " (١٦/ ٣٣١ - ٣٣٢).