هذا يبني على أن المحيي إنما يملك الطبقة التي يباشرها بالعمل، فيكون المملوك ما نقله بالحرث لا ما تحته.
وعلى الجملة فقد تحصل من مجموع ما ذكره أهل الفرع مما أشرنا إليه على هذا القول أنه لو اجتحف السيل الطبقة العليا، ثم حرث الطبقة السفلى غير من كان مالكا للطبقة العليا أنها تصير ملكا له، وليس لمن كان مالكا للطبقة منعة ولو كان غاصبا غصب الأرض، فنقل الطبقة العليا، ثم حرث الطبقة السفلى صار مالكا لتلك الطبقة، ولم يجز لمن كان مالكا للطبقة العليا منعه، وهكذا لا يجوز لمالك الأرض أن يمنع من أراد أن يأخذ التراب من تخوم أرضه على وجه لا يباشر الطبقة العليا، نحو أن يحفر حفرة من خارج الأرض، ثم يتناول تراب تخوم تلك الأرض حتى لا يبقى فيها إلا الطبقة العليا على فرض استمساكها بعد حفر ما تحتها.
القول الثاني: أن تخوم الأرض حق لمالك الأرض، فليس لغيره أن يحييها إذا ذهبت الطبقة العليا إلا بإذن من كان مالكا لها، وكذلك ليس له أن يأخذ تراب التخوم إلا بإذن المالك، ولا فرق على هذا القول بين ما لو كانت الطبقة العليا باقية، أو اجتحفها السيل أو نقلها المالك أن الطبقة السفلى حق فقط لا يملكها مالك الطبقة العليا إلا بإحيائها.
القول الثالث: إن ما تحت الطبقة العليا حق ما دامت الطبقة العليا، فإذا زالت بفعل المالك، أو بفعل غيره صارت الطبقة السفلى ملكا له، وهكذا كل طبقة من طبقات الأرض تصير مملوكه له بظهورها، وانحسار التي فوقها.
القول الرابع: أن الطبقة العليا إن زالت بفعل المالك كانت الطبقة التي تحتها ملكا، وإن زالت بفعل غيره كانت حقا. وقد أشار في البحر (١) إلى ما يفيد هذا.