ونابت يبقى سنة فصاعدا إلا ما يقطع منه إن لم يشترط من غصن وورق وثمر، ويبقى للصلاح بلا أجرة، فإن اختلط بما حدث قبل القبض بسد العقد لا بعده، فيقسم ويبين مدعي الزيادة والفضل. وما استثنى أو بيع ما حقه بقى وعوض، والقرار لذي الأرض وإلا وجب رفعه، ولا يدخل معدن، ولا دفين ولا درهم في بطن شاة أو سمك والإسلامي لقطة إن لم يدع البائع والكفري والدرة للبائع، والعنبر والسمك في سمك ونحوه للمشتري". قال الشوكاني في "السيل الجرار" (٢/ ٦٦٠ - ٦٦٢): في شرحه أقول: هذا وأن كان ردا إلى مجرد العادة فهي في مثل هذا متبعة لأنها كائنة في ضمير كل واحد من المتبابعين، فاذا قال: بعت منك العبد أو الأمة فمعلوم لكل واحد منهما أنه لا بد أن يكون عليها ما يستر عورتيهما ويواري ما حرت عادة الناس في مماليكم بموارايه على اختلاف في ذلك بين أعرف أرباب المناصب والحشمة والثروة وبين غيرهم، فقد يسمح الني ومن له رياسة بما لا يسمح به الفقير، ومن هو من أهل الحرف الدنية والأعراف الجارية بين الناس التي لا تخالف الشرع قد أمر الله سبحانه في كتابه العزيز بالرد إليهما كما في قوله في غير موضع (بالمعروف) على أنه قد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر بلفظ: " ومن ابتاع عبدا فماله للذى باعه إلا أن يشترط المبتاع"- البخاري رقم (٢٣٧٩) ومسلم رقم (١٥٤٣) -ولكن الباب مبني علي الأعراف ومن المرجوع إليه في الأعراف بيع الحيوانات الفرس وغيرهم، فما كان متعارفا به كان في حكم المنطوق به، ولا وجه لقول المصنف: "وفي الفرس العذار فقط" بل المتوجه الرد إلى العرف كئنا من كان، وعرف أهل بلد لا يلزم أهل بلد اخر إذا تخالفت أعرافهم. وأما قوله: "وفي الدار طرقها" فليس دخول الطرقات لمجرد العرف بل هي للضرورة التي لايمكن الانتفاع بالبيع إلا بها، فلو باع الدار من دون طرقها كان في منع المشتري من الطريق التي لا يمكن دخول الدار إلا منها إبطال لفائدة الدار، وقد تقدم بيع ما لانفع فيه لا يصح. وهكذا قوله: وما الصق بها لينفع مكانه، فان ذلك داخل في مسمى الدار لاشتمالها على جميع ابوابها وطاقاتها، ونحوها حال البيع فمن ادعى شيئا من ذلك خارج عن البيع لم يقبل منه إلا ببرهان. وهكذا قوله: " وفي الارض ماء" فانه وإن كان العقد واقعا على مجرد الارض فدخول ما لا يمكن الانتفاع بها إلا به هو من لوازم البيع ومعلوم أن سواقي الأرض ومساقيها الماء الذي تشرب منه تابع للأرض، وإذا جرت الأعراف بما يخالف هذا كان ذلك في حكم الاستثناء لتلك الأمور أو لبعضها. ٍوهكذا طرق الأرض تابعة لها، ويتوقف الانتفاع بها عليها كما تقدم في الدار، فان اشترى الأرض ولا طريق لها عالما بذلك فقد رضى بالعيب. ولا رد ولا أرش، وإن كان جاهلا كان لها فسخها لأن ذلك عيب من اعظم العيوب بل لم ينعقد البيع من الأصل لأنه لم يرض بأرض لا لها طريق لها فقد كشف عدم وجود الطريق على أن الرضا السابق كلا رضا، فلم يوجد المناط الشرعي الذي هو قوله عز وجل: {تجارة عن تراض} [النساء: ٢٩]. قوله: "ونابت يبقى سنة فصاعدا ". أقول ما كان هكذا فالظاهر أنه داخل في بيع الأرض غير مستثنى ولهذا ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر أن النبي صلىالله عليه وسلم قال: "من ابتاع نخلا قبل أن يؤبر فثمرتها للذي باعها إلا أن يشترط المبتاع". فأفاد أن ثمرة النخل قبل أن يؤبر للمشتري، وإذا كان هذا في نفس الثمرة قبالأولى الشجر النابت الذي يراد به البقاء، فلا أنه دخل بالعرف بل بنفس العقد على الأرض، وأما ما يقتطع منه من غصن وورق وثمر فينبغى إلحاقه بثمر النخلة، فان كان قد وقع من البائع فيه عمل كالعمل الواقع بالتأبير فهو للبائع، وإلا فهو للمشتري، وإذا قد فعل فيه البائع عنلا كذلك فهو له، ويستحسن بقاءه حتى يصلح ولا تلزمه أجرة للمشتري، لأن الشرع قد جعل ذلك له، فلابد من بقائه حتى يصلح، لأن ذلك من تمام كونه له، وإذا اختلط هذا الذي قد صار للبائع بالعمل فيه بغيره مما لا عمل له فيه كان الرجوع في ذلك الى أهل الاختيار. فان ميزوا بينهما فذاك وإن يميزوا جعلوا للبائع يقدر ما يكون في أمثاله ذلك المبيع وقت البيع. وللمشتري ما عدا ذلك، فان التبس الأمر من كل وجه فكما قال المصنف يقسم ويبين مدعي الزيادة.