للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإسلامية منذ أيام النبوة الآن، فانك لا ترى ملكا من الملوك، ولا أميرا من الأمراء، ولا إماما من الأئمة يؤمن بالعدل، وحسن السيرة، واقامة حدود الشريعة كما هي إلا ورأيت في بلاده ورعيته من النظام، واستقامة الأمور، وصلاح أحوال العامة والخاصة، وأمن السبل، وذهاب التظالم بالكلية ما يعلم به أن تدبير الشارع هو التدبير المشتمل على مصالح المعاش والمعاد، وبعكس هذا ما يخيل له الشيطان أن تدبير المماليك، وصلاح الأمة بالقوانين الشيطانية، والرسوم الطاغوتيه أصلح لها، وأول من أدخل هذه القوانين الكفرية إلى المماليك الإسلامية جنكيز خان (١) ملك التتر، فانه لما كان هو أهل مملكته لا يرجعون إلى شريعة من الشرائع، ولا ينتمون إلى دين من الأديان اخترع لهم كتابا من عند نفسه سماه"إلياسا" (٢) ذكر فيه امورا من التدبيرات الخاصة والعامة، ومراسيم المملوك والرعية، وألزم رعيتهم بها وعملهم عليها بالسيف، ثم إنه أسلم بعض ذريته وبقي


(١) كان اسمه"نمرجي"ثم لما عظم سمي نفسه جنكيز خان، توفي سنة٦٢٤ه ..... وهو السلطان الأعظم عند التتار وهو الذي وضع للتتار- إلياسا-"بالعربية سياسة"يتحاكمون اليها ويحكمون بها وأكثرها مخالف للشرائع الله تعالى وكتبه فلهذا لا يعرف أب لأن أمه زعمت أنها حملته من شعاع الشمس والظاهر أنه مجهول النسب.
انظر: "البداية والنهاية" (١٣/ ١٢٧ - ١٣٠).
وانظر غزو جنكيز خان لمناطق من العالم الإسلامي أحداث سنة ٦١٧ هـ ... في تاريخ ابن الأثير (١٢/ ١٣٧ - ١٣٥).
(٢) وقد ذكر علاء الدين الجويني نتفا من (إلياسا) أنه من زنا قتل، محصنا كان أو غير محصن، وكذلك من لاط قتل ومن تعمد الكذب قتل ومن سحر قتل، ومن تجسس قتل، ومن دخل بين اثنين يختصمان فأعان أحدهما قتل، ومن بال في الماء الواقف قتل، ومن انغمس فيه قتل ومن أطعم أسيرا أو سقاه أو كساه بغير إذن أهله قتل .. ومن ذبح حيوانا ذبح مثله .... "وفي ذلك كله مخالفة لشرائع الله المنزلة على عباده الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله، خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر، فكيف بمن تحاكم إلى (والياسا)؟؟.
"البداية والنهاية" (١٣/ ١٢٨).