للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من بعده كأولاده واحفاده، وتيمور والجراكسة (١) وأشباههم! فإنها صارت الفتن تغلى كغلى المراجل، ولم يأمن أحد من الناس فى الغالب على دمه ولاعرضه ولا ماله، ثم انظر كيف كان نظام العالم بالتدبير المحمدى! وكيف كانت الأيام النبوية التى هى منشأ الأحكام الشرعية، ثم كيف كان الصحابة ومن بعدهم من المقتدين بشرعة-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-لا من خرج عن ذلك الى السياسة الكفرية! ..

والحاصل: أن من تأمل حق الأمور التأمل فيما يرى ويسمع علم علماً لا يخالطه شك، ولاتخالجه شبهة أن السياسات الشرعية، والتدبيرات النبوية هى اصل صلاح الدين والدنيا، ومنبع كل خيرمن خيرى الدارين، وأن غيرها أصل فساد الدين والدنيا، ومنبع كل شر من شري الدارين:

يأبى الفتى إلا اتباع الهوى ... ومنهج الحق له واضح

إذا تقرر هذا عرفت ان تغريم العباد لرجاء المصلحة هو عين المفسدة كما قدمنا ذلك فى الكلام علىحدود البلدان، وما أحق العالم العامل بعلمه، الشحيح على دينه بإجتناب هذه الجهالات والفرار عن مهالك هذه الضلالات! إذا لم يتمكن من طمس آثر السياسات الكفرية، وتشييد آثار السياسات النبوية فأقل الأحوال أن يربأ بنفسه عن أن يكون من المقتدين لجنكيز خان ومن [٥أ] تبعه من حزب الشيطان، فإنه بلا ريب عن ذلك مسؤول بين يدى رب العزة فى حضور بنى الأمة فإذا قيل له: بأى شرع اخذت مال هذه الأرملة، وهذا الصبى، وهذا [ .... ] أهل هذه القرية؟ فماذايكون جوابه؟ إن قال: اردت التوصل بذلك إلى قمع الأشرار، وصلاح الديار، فأى سرية فى احد هؤلاء الثلاثة! فإن رام المجادلة والمحاجة فهو لايزيد على أن يقول: اخذت بنوع من انواع المناسبة المدونة فى علم الأصول (٢)، وما أحقه عند أن يقول هذه المقالة أن يقال


(١) المقصود بهم: غير الموحدين منهم.
(٢) تقدم توضيحه