فعليه وعليهم أن يقوموا بذلك أثم القيام، ولو جماعة من المسلمين في جوانب الطرق المخوفة لتأمين المارة، ويدفع إليهم من بيت مال المسلمين، أو من خالص أملاكهم إذا لم يوجد في بيت المال ما يقوم بذلك، فعلى العالم أن يقول هكذا إذا سئل عن ذلك، وينهى الأمر إلى السلطان [٦أ] الأعظم، من ينوب عنه، وياخذ نفسه بإنكار ما علمه منكرا، أو الأمر بما علمه معروفا بما يبلغ إليه قدرته، وليس عليه بعد ذلك شىء، وإذا لم يطع فيما يقول فقد حصل له أجر من تكلم بالحق، وفاز بمقام العلماء العالمين، فهذه الطريقة تحفظُ دينَه من المهالكِ، ويستفيدُ في ولايته ربحَ ما يقدرُ على القيام بهِ كما ينبغي، وليس من الورع أن يضيقَ صدرُهُ عند عروض ما يخرجُ عن طاقته، حتى يحملَه ذلك على تركِ ما يدخلُ تحتَ مقدرته، أو تعطيلِ نفسِه عن القيامِ في مركزِ الأمرِ بالمعروف والنَّهي عن المنكر، فإنَّ ذلك لو كان مسوِّغًًا للتعطيلِ والخروجِ عن المراكزِ الدينيةِ لتعطيل الشريعةِ، إذْ ما من زمانٍ من الأزمنةِ، ولا مكان من أمكنة الأرضِ إلاّ وفيه ما يُعْرَفُ وما يُنكَرُ، اللهم إلاَّ أنْ يكونَ ذلك العالِمُ قد عرف بالتجربةِ وطولِ المدة أنه لا تأثيرَ لبقائه في صغيرٍ ولا كبيرٍ، ولا جليلٍ، ولا خطيرٍ، فليس له في التلبُّسِ أثوابِ الزورِ فائدةٌ، كما أنَّه لا يعودُ إليه مِنْ خيرِها عائدةٌ، والأحوال تختلفُ باختلافِ الإراداتِ، وإنما الأعمال بالنيات. وما ذكرتُم ـ دامت لكم الإفادة ومنكم ـ من أنه إذا ادَّعى ورثةُ رجلٍ على أهل بلدةٍ قَتْلَ مورِّثهم يريدونَ بذلك ثبوتَ القسامةِ عليهم، وخَفَتْ قرائنُ صادقةٌ بوقوعِ القتلِ وصادقَ بعضُ أهل البلدينِ بوقوع القتلِ في بلدهم، فهل يقالُ: مصادقةُ البعض منهم إقرارٌ على من أقروا بشهادةٍ على الباقينَ، فيثبتُ بها وجودُ القتيلِ، وإذا ثبت ثبتِ القسامةُ بشروطها أم لا؟ ثم إذا طلبتَ منهم اليمينَ لا