للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وُجِدَ قتيلاً في بلادهم، ونكَل البعضُ منهم، هل يكونُ حكمُ النكولِ حكمَ المصادقةِ في كونها شهادةً على الآخرين أم يفترقُ به الحال بين المصادقة والنكول؟ انتهى.

أقول: اعلمْ أنَّ القسامةَ الشرعيةَ لا تثبتُ إلاَّ بعد ثبوتِ وجودِ القتيلِ في محلٍّ يختصُّ بالمدَّعى عليهم قتيلاً أو جريحًا، وثبوتُ الوجودِ يكونُ بأحدِ المناطاتِ الشرعيةِ. إمَّا الإقرارُ من جميع المدّضعى عليهم، أو نكولُ جميعِهم، أو شهادةُ عَدْلَيْنِ، أو رجلٍ وامرأتينِ، أو رجلٍ ويمينِ المدَّعي على وجود القتيلِ هنالِكَ كذلكَ على وجه بحكمِ الحاكمِ بأحد تلك الأمورِ، أو عَلِمَ الحاكمُ بذلك على ما هو الحقُّ كما قررته في غير هذا الموضعِ، فإنْ أقرَّ البعضُ وأنكرَ البعضُ، أو نكلَ البعضُ وحلفَ [٦ب] البعضُ من أهل القسامةِ كما في مسألة السؤال.

فاعلم أنَّ إقرارَ من أقروا نكولَ مَنْ نكلَ هو مستنَدٌ للحكم بالوجودِ، والوجودُ أمرٌ واحد، وهو يستلزمُ ثبوتَ القسامةِ على الجميع، فإذا كان ذلك الإقرارُ أو النكولُ بحيث يصلُح مُسْتَنَدًا لحكم الحاكمِ بالوجودِ ثبتتِ القسامةُ بالحكم بالوجود بذلك المستندِ، ولا وجود الشهادةِ، أو عِلْمِ الحاكمِ، لأنَّه قد ترتَّبَ الحكمُ بالوجود على إقرارِ البعضِ، أو نكوله كما ترتَّبَ الحكمُ بالوجودِ على شهادةِ الشهودِ، أو علم الحاكمِ. والعلمُ بالوجودِ هو أمرٌ واحدٌ كما قدمنا، فلا تثبتُ به القسامةُ على بعض أهل القسامةِ دون بعض، بل تثبت على الجميع.

فإن قلتَ: الشهادةُ وعِلْمُ الحاكم هما مناطٌ للحكمِ على المشهودِ عليه بخلافِ الإقرارِ والنكولِ فإنّهما مناطٌ للحكم على المقرِّ والناكلِ دونَ غيرهما.

قلت: قد صحَّ كلُّ واحدٍ منهما مناطًا للحكم بالوجود كما صلحتِ الشهادةُ مناطًا لذلك، ولا يضرُّ إنكار مَنْ أنكر، وحَلْفُ مَنْ حَلَفَ، كما لا يضران إذا كان المناطُ هو الشهادةَ.

فالحاصل: أنَّ المعتبرَ ما يصلحُ مستندًا لحكم الحاكمِ بالوجودِ، هذا من غير نظرٍ إلى