تنزيل إقرارِ المقرِّيْنَ، أو نكولِ الناكلينَ منزلَة الشهادةِ على المنكرينَ أو الحالفينَ، مع أنه لو قيلَ بذلك لكانَ التنزيلُ صحيحًا رجيحًا، فإنَّ المقِرَّ إنما أقرَّ بما قد صحَّ لديه بإحدى الطُّرقِ المفيدةِ لمضمونِ الإقرارِ، فإقرارُهُ إخبارٌ لنا بالوجودِ، وكذلك الناكلُ إنما نَكَلَ عن الحَلِفِ على عدمِ الوجود لكونهِ قد علم نقيضَه، وهو الوجودُ، فكأنه قد أخبرنا بوجود القتيلِ. ولا شكَّ أنَّ هذا أدخلُ في إفادةِ الوجودِ، وانثلاجِ الصدرِ به من شهادةِ بالوجود إذا اتفقتِ الحواملُ على ما وقعَ من المقرينَ والمنكرينَ من محاباةِ المدَّعي أو العداوةِ لأهل المحلِّ، أو نحو ذلك. ولا ريبَ أنَّ الشهادةَ على النفسِ، وعلى الأهل أولى من شهادة الأجانبِ على الأجانبِ. ولم يبقَ إلاَّ المنازعةُ في اشتراطِ لفظِ الشهادةِ، والإقرارُ والنكولُ ليسا من ألفاظِها، وهذه منازعةٌ فقهيةٌ لا ترجعُ إلى دليل شرعيّس ولا عقليٍّ ولا لغويٍّ، فإنَّ الشهادةَ هي الإخبارُ بالشيء بأيّ صيغةٍ [٧أ] كانت، ودلالةُ الخبرِ على مدلولهِ قد يكون بالمطابقةِ، وقد يكون بالتضمينِ، وقد يكون بالالتزامِ. وإلى هنا انتهى الجوابُ عن السؤال.
قال في المنقول منه:
حرره المجيبُ ـ غفر الله له ـ في نهار الاثنينِ رابعَ شهرِ الحجةِ سنة ١٢١٢ انتهى من خط المؤلف [٧ب].