للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين، وصلى الله على سيدنا محمد الأمين، والسلام عليه وعلى آله الأكرمينَ. قرأتُ السؤالَ الوارد على القاضي العلامة محمدِ بن علي الشوكاني في شأنِ الحدودِ التي في البلاد اليمنيةِ، وهي المحجَّراتُ لمنع لغير منها إلى تجمُّعِها ما حولَ القرية، أو الحدودِ التي بين المدينة وما يُنْسَبُ إليها من البلاد، وبين المحلِّ الآخَرِ، فحصل من جواب القاضي ـ عفاه الله تعالى ـ المنعُ، ورأيتُ كلامًا ذكره القاضي أحمدُ بن يحيى حابس (١) ـ رحمه الله ـ وهو ممن عاصَرَ الإمام القاسِمَ بنَ محمد ليضمنَ تقريرَها حيث قال في المقصد الحسن (٢): وإجراءُ المحاجرِ مجرى الإملاكِ إمَّا للعرف بأنَّ ضَرْبَ الأعلام فيها التي يعتادونَها فيها يوجبُ الملكَ، لأنَّ للعرفِ مجالٌ، وأيُّ مجال أو من باب النظرُ في تسكينِ الدَّهْمَاءِ.

قلتُ: هنا قولٌ حسن، وقد ورد في هذا حديثانِ:

أحدُهما: "المسلمون شركاءُ في ثلاثة: في الماء، والكلأ، والنار" (٣).

الثاني حديث: "مَنْ سبقَ إلى ما لم يَسْبِقَ إليه مسلمٌ فهو له" (٤) فيكون الأولُ عامًا محمولاً على عدم السبق، والثاني: خاصٌّ أنَّ من سبق إلى مباحٍ مَلَكَهُ. ولا فَرْقَ بين تقدُّم العامّ وتأخُّره، أو مع جهل التاريخِ. هذا المختارُ عند جماعة من أهل الأصول، ورجَّحه ابنُ الإمام في الغاية (٥)، وإليه أشار القاضي محمد بهران (٦) في الكافلِ (٧)، فتكون


(١) تقدمت ترجمته.
(٢) المقصد الحسن والمسلك الواضح السنن، للقاضي أحمد بن يحيى حابس الصعدي.
" مؤلفات الزيدية " (٣/ ٤٨).
(٣) تقدم تخرجه.
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) انظر "مؤلفات الزيدية" (٢/ ٢٩٢).
(٦) هو محمد بن يحيى بهران الصعدي.
(٧) "الكافل بنيل السؤل". انظر: "مؤلفات الزيدية" (٣/ ٣٧٠).