للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحدَه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليمًا كثيرًا.

أمَّا بعدُ:

فإنه ورد سؤالٌ على القاضي العلامةِ، علامةِ الزمن، المحيي سنةَ النبيِّ المؤتَمَنِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ عِزِّ الإسلام محمد بن علي الشوكاني ـ عافاه الله ـ وزاد في فوائده في شأن الحدود التي وُضِعَتْ في جهة اليمينِ، ولم أقف فيه على نصٍّ لأحدٍ من الأئمة ذكره صاحبُ المقصدِ الحسنِ (١)، وكان جوابُ القاضي مشتملاً عليه من جهتين:

الأولُ: في تحريم وضْعِه بالأدلة الصحيحة.

والثاني: يعلن القسامةَ بأهله وما يلحقهم من الضمان بسببه، وضعنا السؤالَ بأكثرِ لفظِه.

وحاصلُ السؤال عن شأن الحدودِ المقسومِ من الأودية التي ليست بمحياةٍ، وصبَّابات السيول والجبال بين أهل القرى المحيطة بها، وليجعلَ لأهلِ هذه القريةِ بعضًا لا يتعدَّاه أهلُ القرية الأخرى، بل يختصوا بالكلأ النابتِ فيه رعيًا، واحتشاشًا، واحتطابًا دون أهل القرية الأخرى، فهل يسوغُ ذلك؟ وهل يصحُّ تعلُّق القَسَامةِ ومعاقبةُ أهله بسبب ما يقعُ فيه من قتلٍ ونهب، وتغريمِهم؟ فقد اشتمل السؤالُ على ثلاث مسائلَ:

الأولى: هل يسوغُ شرعًا قسمتُه قبل أن يسبق إليه أحدٌ؟ سواءً أهل القريتين ونحوهما؟ فأجاب القاضي ـ تولاه الله تعالى ـ بتحريم ذلك التحجُّرِ والقسمةِ، مستدِلاً عليه بحديث "المسلمون شركاء في ثلاثة: في الماءِ، والنار، والكلأ" (٢) أخرجه أحمد وأبو داودَ من حديث أبي خداش ثم قال.


(١) أحمد بن يحيى حابس الصعدي.
(٢) تقدم تخريجه مرارًا.