للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله تعالى ـ فما أرى هذه الحدودَ إلاَّ من جنسِ إقطاعِ ما لم يسبق إليه حقٌّ مسلمٍ، فتقرير الإمام القاسمِ ومَنْ بعدَهُ لهذه المحاجِرِ من الإقطاع كما أقطعَ رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ بلال بنَ الحارث المزني، معادنَ القبليَّة جَلْسيَّها وغوريَّها، وحيثُ يصلُحُ الزرعُ من قُدْسٍ، لم يعطهِ حقَّ مسلمٍ. هكذا رواه أحمد (١)، وأبو داود (٢). تفسيرُه (٣): الغورِ ما انخفضَ من الأرضِ، والجلسُ ما ارتفعَ منها.

وقوله: من قُدس هو بضمِّ القافِ، وسكونِ الدالِ جبلٌ معروفٌ. وقيل هو الموضعُ الذي يصلح للزراعة. وفي كتاب الأمكنةِ "أنه قريسٌ" قيل: قريس وقَرْس: جبلان قربَ المدينةِ ذكره في النهاية (٤)، فاعرفْ أنه ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ أقْطَعَهُ ما يصلح للزرعِ، وما يصلح الزرع الكلأُ عادةً. والله أعلم. وهنا انتهى الجواب باختصار.

المسألة الثانية من مسائل السؤال: أنها إذا ساغتِ الحدودُ المذكورةُ فهل يجوز تضمينُ من يختصُّ بذلك من قتلٍ ونهبٍ وسَلْبٍ؟.

المسألةُ الثالثةُ من مسائل السؤال: أنه إذا كان في ذلك الحدِّ طريقٌ وقع فيها القتلُ أو النَّهبُ، ولا يختصُّ بها أهل الحدِّ فهل يجوزُ تضمينُ أهل الحدِّ وإن كانتِ القسامةُ الشرعيةُ غَيْرَ ثابتةٍ، لأنَّ تَرْكَ تضمينهم قد يؤدي إلى أنهم يفعلون في تلك الطريقِ من الأفاعيلِ ما يكون سببًا لانقطاع المارَّةِ؟.

فأجاب ـ تولاه الله ـ أنَّ من قال [٤أ] يسوغُ له تعذيبُ عباد الله، أو قتلُهم، لأنَّ الله ـ سبحانه ـ يبتليهم بالأمراضِ والموتِ، أو قال يجوزُ له سلبُ أموالهم لمصلحة لأن الله قد يبتليهم بمثل ذلك أو قال إنه يجوز تسليطُ بعضهم على بعض، لأنَّ الله قد يفعلُ ذلك، لم يكن هذا القائلُ في عداد العلماء، بل لا يكون في عداد العقلاء.


(١) في "المسند" (١٥/ ١٣٩ رقم ٤٣٧ ـ الفتح الرباني).
(٢) في "السنن" رقم (٣٠٦٢) وهو حديث حسن.
(٣) "النهاية" (٤/ ١٠).
(٤) (٤/ ٢٤).