للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأَخَذَ منها أميرُ المؤمنين عليٌّ ـ عليه السلام ـ عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعثمان رضي الله عنه أنه يُلقى على اللائطِ (١) حائط.

وعن ابن عباس (٢) يلقى من أعلى إلى أسفلَ في أعلى بناءٍ في البدل ثم يُتبعُ الحجارةَ. وفي القرآن شيءٌ كثير لو استوفيناه لخرجْنا عن المقصودِ، فعرتَ أنَّهم أخذوا أحكامًا من فعل الله (٣)، لأنه من باب السؤال عمّا يفعلُ ـ سبحانه وتعالى ـ فَذَا مِنَ التعرضِ للإحاطةِ بحكمة اللهِ في خلقِ الخلقِ، وكما تعرَّضَتِ الملائكةُ ـ عليهم السلام ـ بقولهم: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} (٤) الآية، فلم يُشْفِهم تعالى من الاطَّلاع عليه، بما يَشْفي غُلَّةً، ولا أجابَ عليهم إلاَّ بعلمِه ما لا يعلمونَ في الجملة، ثم قمعَهم بإظهار آدم ـ عليه السلام ـ حين علَّمه الأسماءَ فأنبأهم بها معارضةً لما توهَّموه من الفسادِ المحضِ. ومثلُ ذلك ما لا يكونَ لا يسألُ عما يفعل وهم يُسْألونَ.

هذا هو الذي يرادُ من معنى الآية [٥أ] فما قضتْ به حكمتُهُ فهو يحملُ عليه معنى النَّهي في الآية أنَّه لا يسأل عنه. ولْنَذْكُرْ شاهدًا على ما ذكرناه: أخرج البيهقيُّ في كتاب الأسماء والصفات (٥) عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس، "قال: لما بعثَ الله موسى ـ عليه السلام ـ وكلَّمه [وأنزل عليه التوارة] (٦) فقال: اللهم إنك ربٌّ عظيمٌ، لو شئتَ أن تُطاعَ لأُطعتُ، ولو رضيتَ أنْ لا تُعْصى ما عُصيتَ (٧)، فكيف هذا يا ربِّ!؟ فأوحى الله تعالى إليه أني لا أُسأَلُ عما أفعلُ وهم يسألون، فانتهى موسى. رواه


(١) انظر "نيل الأوطار" (٧/ ٢٨٧. "المغني" (١٢/ ٣٤٨ - ٣٥١).
(٢) انظر المرجع السابق.
(٣) انظر الرسالة رقم (١٢١).
(٤) [البقرة: ٣٠].
(٥) (١/ ٤٤٦ رقم ٣٦٨) بإسناد ضعيف.
(٦) زيادة من "الأسماء والصفات" (١/ ٤٤٦).
(٧) [وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تعطي] زيادة من مصادر الأثر.