للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأولى: لفظ (من) العامَّةِ في الأشخاص.

والثاني: لفظ (ما) العامَّة للثلاثة وغيرِها؛ فإن الحديث في قوَّة: أيُّ شخصٍ من الأشخاص سبقَ إلى شيء من الأشياء فهو أولى به. وظاهرُه عدمُ الفرق بين الثلاثةِ وغيرها فيكون حديث الثلاث [٣أ] مخصِّصًا له، فيحصل من المجموع أن من سبق إلى شيء فهو أولى به ما لم يكن ذلك الشيء أحد الثلاث المذكورة، وبناءُ العامّ على الخاص مجمع عليه. هذا على تسليم أنَّ في الحديث رائحة دلالةٍِ على ما ذكره الشرفي، وإلا فنحن لا نشكُّ أنه حجةٌ عليه كما سلفَ. وبهذا تعرف أنَّ ما استدلَّ به ـ عافاه الله ـ هو دليلٌ لمخالفة وأنه على فرض التسليم عامٌّ لا خاصٌّ كما قرره، ولهذا أوردناه في أدلة المنع من الحدود كما ذكرناه في تلك الرسالة.

الوجه الثالث: أن قوله: فيكون الأول عامًّا محمولاً على عدم السبق ينافي مرادَهُ عند إمعان النظر لما قدمنا من أنَّ السبق لا يكون موجبًا للأحقِّية إلاَّ إذا كان الشيءُ على أصل الاشتراك والحدود يمنعُ من ذلك كما قدمنا.

قوله: فإن لم يسلِّم هذا كان من القياس المرسل (١) إلى آخر كلامه.

أقولُ: ليس ضرب الحدود من القياس المرسل في وِرْدٍ ولا صَدْرٍ، بل هو من القياس الملغي (٢) ليظهر له ما ذكرناه.

وقد حققنا ذلك في الرسالة (٣) التي تكلَّم عليها ـ عافاه الله ـ، وصرَّحنا بأنه من هذا القبيل. وأما ما نقله عن بعض أهل الأصول في بيان مفهوم المناسب الملائم فالأمرُ كما ذكره، ولكنه غيرُ هذا المناسبِ الملْغي، ونحن نزعمُ أن هذه الحدودَ ليست مما يجلبُ نفعًا،


(١) تقدم توضيحه.
(٢) انظر "إرشاد الفحول" (ص٧٩٠)، "تنقيح الفصول" (ص٤٤٥)، "تيسير التحرير" (٤/ ١٧١).
(٣) الرسالة رقم (١١٩).