للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاستدلالُ كما تقرَّر في علم الجدل (١) الذي قال له علم المناظرة، وآدابُ البحث.

قوله: ولكنَّ دلالةَ العامِّ عند أهل الأصول ظنيَّةٌ (٢).

أقول: هذا الاستدراكُ واقعٌ في غير موقِعِه، لأنه قد قرَّرَ سابقًا عدمَ بقاء العمومِ بعد وجودِ المخصِّصِ، وكان القياسُ على مقتضى السياقِ أن يقول: هذه العمومات مخصصَّة، ويوضِّح المخصَّص، ولا حاجة إلى المنع الذي ليس هو وظيفة المستدِل، ولا حاجة أيضًا إلى ذكر ظنيَّة العموم؛ فإن هذا [٤ب] إنما يناظِرُ به من كان مدعيًا لقطعيةِ دلالةِ العموم، ولم ندَّع ذلك في الرسالة، ولا حِمْنَا حوله؛ إذ الكلامُ عليه قد تقرَّر في الأصول ببراهينه.

قولُه: ولهذا خصِّص تخصيصًا ظاهرًا بقوله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ: "لا حمى إلاَّ لله" (٣).

أقولُ: إن كان الشرفيُّ بصدد الكلام على تسويغ منع الكلأ بالحدود فالحِمَى أمرٌ آخر كما بيَّناه في أول الكلام، وإن كان بصدد التخصيص لأدلة منع الحِمَى فهو أمرٌ غيرُ ما نحن بصدده، ولا نخالِفُ في أن قولَهُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ: "لا حمى" مُخَصَّصٌ بالمخصِّص المتصل (٤)، وهو الاستثناء بقوله: "إلاَّ لله ولرسوله" ولكنَّ هذا لا ينفع الشرفيّ ولا يضرُّنا، وإن كان بصدد الاستدلالِ على ظنيِّة العموم من غير تعرُّضٍ للبحث الذي نحن بصدده فالمسألةُ أجنبيةٌ، ولها في الأصول براهينُ صحيحةٌ.

قولُه: فالذي فهمنا من نصِّه أنه لدفعِ الضررِ الحاصل بالمنع، فإذا زالتِ العلة جاز


(١) انظر "الكوكب المنير" (٤/ ٣٦١، ٣٩٧). "الكافية في الجدل" (ص٢٥). "الفقيه والمتفقه" (١/ ٢٢٩).
(٢) انظر "تيسير التحرير" (١/ ١٩٧، ٣٢٩). "التبصرة" (٢/ ١٩، ٢١).
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) انظر تفصيل ذلك في "إرشاد الفحول" (ص٤٨٨). "البحر المحيط" (٣/ ٢٧٧).