وتحرُم أيضًا المخابرةُ بالثلث والربعِ إذا انضمَّ إليها ثلاث جداولَ، وما يسقي الربيعُ لما في حديث رافع أيضًا. ولا عارضه ما وقع منه ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ في أراضي خيبرَ لِخُلُوِّهِ عن الاشتراط. وجميعُ هذه الأنواع خارجةٌ عن تلك المعاملة والواقعة منه ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ، ولم يقم دليل على جوازها.
ويبقى الإشكالُ في تأجير الأرضِ بشطر معلومٍ من الثمرة من ثلثٍ، أو ربعٍ، أو نحوه؛ فالأحاديثُ الواردةُ في النَّهي المفسَّرةِ بالثلثِ والربعِ يقضي بالمنع منها، وفعلُه ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ في خيبرَ يقضي بجوازها، والقولُ بأنَّ الجوازَ منسوخٌ يأباه موتُه ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ على تلك المعاملةِ، واستمرارُ جماعة من الصحابة عليها، وكذلك القولُ بأنَّ النَّهي عنها منسوخٌ يأباه صدورُ ذلك النهي منه ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في أثناء تلك المعاملةِ، ورجوعُ جماعة من الصحابة إلى رواية من روى النَّهيَ بعد موته ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ، والمصيرُ إلى التعارضُ والترجيحُ أيضًا ممتنعٌ لإمكان الجمعِ بحملِ النَّهي على الكراهةِ لذلك الصارف، وهذا هو الحقُّ الذي كون به صونُ السُّنَّةِ المطهَّرة عن الاطِّراحِ، فتكون المخابرةُ بالنِّصف والثلثِ من غير زيادة شرط مكروهةً فقط، وفي تلك الأنواع السابقةِ محرَّمةً، ولا يقالُ أنَّ النبيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ إذا نهاها عن فعلِ وفعلَهُ كان ذلك مختصًّا به، لأنا نقول: قد استمرَّ على ذلك الفعلِ الصحابةُ في حياته، وبعد موته، وهم أجلُّ من أن يَخْفَى عليهم ذلكَ الاختصاصُ كما سبق تحقيقُ ذلك.
فإن قلتَ: يقدحُ في مناقشتك تلكَ الأقوالَ السابقةَ ما جزمتَ به بعدُ من تحريم تلك الصور.
قلت: إنما وقعتْ تلك المناقشاتُ باعتبار اقتصار كلِّ قائل على تحريمِ صورةٍ معينة من