للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تردُّدك (١) في صحَّة الحديثِ ولا سيما مع التعبير بلفظ إنْ الموضوعةِ للشك كما تقرر في علم المعاني والبيان.

فيالله العجبُ، هذا الحديثُ قد تكاثرت طرقُه حتى بلغ فيما أظن إلى حد التواترُ المعنويّ وهو مدوَّنٌ في غالب الكتُبِ الحديثية صحاحِها ومسانيدِها ومجاميعها وهو في كتب العِتْرةِ الكرامِ في غير كتابِ، وما أظنّ من له سماعٌ في مختصر من مختصرات الحديثِ يتردَّد في صحة هذا الحديث ويأتي بمثل تلك العبارة المُشعِرة بعدم الاطلاع على ذلك الفنِّ بالمرة ثم أعجبُ من هذا قولُك أنه مهجورُ الظاهرِ (٢)، وهجرُ الظاهرِ باتفاق أهل العلم لا يكون إلا لموجب، فما هو الموجب؟ ثم أعجب من الجميع قولُك بعد ذلك كما لا يخفى مع أنه أخْفى السُّها (٣) بل لا أدري إلى الآن ما موجبُ هجْر هذا الظاهر [٦] على أني


(١) الحديث صحيح: انظر التعليقة السابقة.
وانظر الرسالة رقم (١١١).
(٢) الظاهر: قال الغزالي في "المستصفى" (٣/ ٨٤ - ٨٥): هو المتردد بين أمرين وهو في أحدهما أظهر. وقيل: هو ما دل على معنى مع قبوله لإفادة غيره إفادة مرجوحةً. فاندرج تحته ما دل على المجاز الراجح.
وقيل: ما دل دلالة ظنيَّة إما بالوضع كالأسد للسبع المفترس، أو العرف كالغائط للخارج المستقذَر إذا غلب فيه بعد أن كان في الأصل للماكن المطمئنِّ من الأرض.
انظر: "المسودة" (ص٥٧٤)، "تيسير التحرير" (١/ ١٣٦).
(٣) السُّها: كُويكِبٌ صغير خفيُّ الضوء في بنات نعش الكبرى والناس يمتحنون به أبصارهم. "لسان العرب" (٦/ ٤١٦).