للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجُرأة على حكاية الإجماع فانظُر رعاك الله في مختصر من مختصرات الفقه لتعرف مقدار ما تحمَّلْت. وهكذا فليكم الكلامُ المفيدُ ثم يُغنيك عن القَعقعة [ببسط] (١) أخصَرُ كتاب، وعن كمال الاطلاعِ الذي جعلْتَه ثلْبًا لخصمك وتبجحًا لعلمك أحقرُ الاطّلاع.

وأعجبُ من هذا كلِّه الاستدلالُ بالتصرف بالماء في أنواع القُرَبِ، فيا أيها المسكين لا ملازَمَة بين الأمرين فإنه يصِحُّ التقرُّبُ بما لا يصِحّ بيعُه ولا تجب غرامته بإجماع المسلمين كالحقوق (٢) والثَّمر قبل نفْعِه ودور مكة (٣) ونحوِ ذلك فما بلنا ولهذا، أو لِنُمْسِكْ


(١) كلمة غير واضحة ولعلها ما أثبتناه.
(٢) انظر "الحاوي" (٦/ ٤٧٣).
الخلاصة:
قال النووي في شرحه لصحيح مسلم (١٠/ ١٧٦) أمَّا النَّهي عن بيع فضل الماء ليمنع بها الكلأ، فمعناه أن تكون لإنسان بئر مملوكة له بالفلاة وفيها ماء فاضل عن حاجته، ويكون هناك كلأ ليس عنده ماء إلا هذه افلا يمكن أصحاب المواشي رَعْيه إلاَّ إذا حصل لهم السقي من هذه البئر، فيحرُم عليه منع فضل هذا الماء للماشية، ويجب بذله بلا عوض، لأنّه إذا منعَ بذله امتنع الناس من رعي ذلك الكلأ خوفًا على مواشيهم من العطش ويكون بمنعه الماء مانعًا من رعي الكلأ.
ثم قال: والمذهب الصحيح أنّ من نبع في ملكه ماءٌ صار مملوكًَا له. أما إذا أخذ الماء في إناء من الماء المباح؛ فإنّه يملكه، هذا هو الصواب وقد نقل الإجماع عليه.
وجاء في كتاب: "كفاية الأخيار" (ص ٣٦٣ - ٣٦٤).
واعلم أن الماء قسمين:
١ - ما نبع في موضع لا يختص بأحدٍ، ولا صنع لآدميٍّ في أنباطه، وإجرائه، كالفرات وجيحون وعيون الجبال وسيول الأمطار، فالناس فيها سواء، نعم، إن قلّ الماءُ أو ضاق المشرع قدم على السابق، وإن كان ضعيفًا، لقضاء الشرع بذلك، فإن جاءوا معًا أقرع، فإن جاء واحدٌ يريد السّضقي وهناك محتاج للشرب، فالذي يشرب أولى، قاله (المتولي) ومن أخذ منه شيئًا في إناء أو حوض ملكه، ولم يكن لغيره مزاحمته فيه، كما لو احتطب، هذا هوا لصحيح. الذي قطع به الجمهور والله أعلم.
٢ - المياه المختّصة، كالآبار والقنوات، فإذا حفر الشخص بئرًا في ملكه فهل يكون ماؤها ملكًا؟ وجهان: أصحها نعم، لأنَّه نماء ملكه، فأشبه ثمر شجرته، وكمعدن ذهب أو فضة خرج في ملكه وقد نصَّ الشافعي رحمه الله على هذا في غير موضع، فعلى هذا ليس لأحدٍ أن يأخذه، لو خرج عن ملكه، لأنَّه ملكه فأشبه لبن شاته.
انظر: "الأم" (٨/ ١٢٧). "مغني المحتاج" (٢/ ٣٧٥).
وقيل: إن الماء لا يُملك لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المسلمون شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار" والمذهب الأول.
والحديث على وجهين لا يجب على صاحب البئر بذل ما فضل عن حاجته لزرع غيره على الصحيح. ويجب بذله للماشية على الصحيح. ففي الصحيحين: "
لا تنمعوا فضل الماء لتمنعوا الكلأ" والفرق بين الماشية والزرع ونحوه حرمة الروح، بدليل وجوب سقيها بخلاف الزرع ثم لوجوب البذل شروط:
١ - أن يَفْضُل عن حاجته، فإن لم يفضل لم يجب، ويبدأ بنفسه.
٢ - أن يحتاج إليه صاحبالماشية بألا يجد ماءً مباحًا.
٣ - أن يكون هناك ملأ يُرعى، ولا يمكن رعيه إلا بسقي الماء.
٤ - أن يكون الماء في مستقره، وهو مما يُستَخْلف، فأما إذا أخذه في الإناء فلا يجب بذله على الصحيح. وإذا وجب البذل عن الماشية من حضور البئر، بشرط أن لا يتضرَّر صاحب الماء في زرع أو ماشية، فإن تضرَّر بورودها مُنعتْ، ويستقي الرعاة لها.
قاله الماوردي: وإذا وجب البذل فهل يجوز له أن يأخذ عليه عوضًا، كطعام المضطر؟ وجهان: الصحيح: لا.
(٣) انظر "الحاوي" (٦/ ٤٧٣).
الخلاصة:
قال النووي في شرحه لصحيح مسلم (١٠/ ١٧٦) أمَّا النَّهي عن بيع فضل الماء ليمنع بها الكلأ، فمعناه أن تكون لإنسان بئر مملوكة له بالفلاة وفيها ماء فاضل عن حاجته، ويكون هناك كلأ ليس عنده ماء إلا هذه افلا يمكن أصحاب المواشي رَعْيه إلاَّ إذا حصل لهم السقي من هذه البئر، فيحرُم عليه منع فضل هذا الماء للماشية، ويجب بذله بلا عوض، لأنّه إذا منعَ بذله امتنع الناس من رعي ذلك الكلأ خوفًا على مواشيهم من العطش ويكون بمنعه الماء مانعًا من رعي الكلأ.
ثم قال: والمذهب الصحيح أنّ من نبع في ملكه ماءٌ صار مملوكًَا له. أما إذا أخذ الماء في إناء من الماء المباح؛ فإنّه يملكه، هذا هو الصواب وقد نقل الإجماع عليه.
وجاء في كتاب: "كفاية الأخيار" (ص ٣٦٣ - ٣٦٤).
واعلم أن الماء قسمين:
١ - ما نبع في موضع لا يختص بأحدٍ، ولا صنع لآدميٍّ في أنباطه، وإجرائه، كالفرات وجيحون وعيون الجبال وسيول الأمطار، فالناس فيها سواء، نعم، إن قلّ الماءُ أو ضاق المشرع قدم على السابق، وإن كان ضعيفًا، لقضاء الشرع بذلك، فإن جاءوا معًا أقرع، فإن جاء واحدٌ يريد السّضقي وهناك محتاج للشرب، فالذي يشرب أولى، قاله (المتولي) ومن أخذ منه شيئًا في إناء أو حوض ملكه، ولم يكن لغيره مزاحمته فيه، كما لو احتطب، هذا هوا لصحيح. الذي قطع به الجمهور والله أعلم.
٢ - المياه المختّصة، كالآبار والقنوات، فإذا حفر الشخص بئرًا في ملكه فهل يكون ماؤها ملكًا؟ وجهان: أصحها نعم، لأنَّه نماء ملكه، فأشبه ثمر شجرته، وكمعدن ذهب أو فضة خرج في ملكه وقد نصَّ الشافعي رحمه الله على هذا في غير موضع، فعلى هذا ليس لأحدٍ أن يأخذه، لو خرج عن ملكه، لأنَّه ملكه فأشبه لبن شاته.
انظر: "الأم" (٨/ ١٢٧). "مغني المحتاج" (٢/ ٣٧٥).
وقيل: إن الماء لا يُملك لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المسلمون شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار" والمذهب الأول.
والحديث على وجهين لا يجب على صاحب البئر بذل ما فضل عن حاجته لزرع غيره على الصحيح. ويجب بذله للماشية على الصحيح. ففي الصحيحين:
" لا تنمعوا فضل الماء لتمنعوا الكلأ " والفرق بين الماشية والزرع ونحوه حرمة الروح، بدليل وجوب سقيها بخلاف الزرع ثم لوجوب البذل شروط:
١ - أن يَفْضُل عن حاجته، فإن لم يفضل لم يجب، ويبدأ بنفسه.
٢ - أن يحتاج إليه صاحبالماشية بألا يجد ماءً مباحًا.
٣ - أن يكون هناك ملأ يُرعى، ولا يمكن رعيه إلا بسقي الماء.
٤ - أن يكون الماء في مستقره، وهو مما يُستَخْلف، فأما إذا أخذه في الإناء فلا يجب بذله على الصحيح. وإذا وجب البذل عن الماشية من حضور البئر، بشرط أن لا يتضرَّر صاحب الماء في زرع أو ماشية، فإن تضرَّر بورودها مُنعتْ، ويستقي الرعاة لها.
قاله الماوردي: وإذا وجب البذل فهل يجوز له أن يأخذ عليه عوضًا، كطعام المضطر؟ وجهان: الصحيح: لا.