فيه السببُ والآخَرَيْنِ فيها الأمرُ بالإفسادِ لدفع الإفسادِ مع عدم وجود السببِ، ومن لم يظهرْ له الفرقُ بين الطرفين فلا يُتْعِبْ نفسَه [٧ب] بالنظر في المسائل العلميةِ، فإنه محجوبٌ.
وأما الاختلافُ ما بين المسألةِ الثانيةِ التي نقلناها من المقصدِ، وبين المسألةِ التي نحن بصددها فهو أوضحُ من أن يلتبسَ، فإن صاحبَ المقصد قال في صدر المسألة: إذا دخل الماءُ المملوكُ، وليس كلامُنا في الماء المملوكِ الذي قد وقع عليه النقلُ والإحراز حتى صار مملوكًا، بل في ماءٍ حدثَ بسببِ كثرة الأمطارِ، وتَنَزَّلَ من شواهقِ الجبال، وبطونِ الأوديةِ، فأين هذا من ذاك! فعرفت بهذا أن كلام ابن حابس في شيء آخر غير ما نحن بصدده، وكيف يُظَنُّ بمثلهِ أنْ يَحْكُمَ تلك الإجماعات، وينافي تلك المسائلَ القطعياتِ والقواعدَ المقرَّراتِ! هذا مالا يُظَنُّ بعالمٍ، على أنه لو قال عالمٌ بمثل ذلك لكان كلامُهُ مُطَّرَحًا لمخالفتهِ لما لا يجوزُ مخالفتُه، والحقُّ مقدّضمٌ على كل أحدٍ، وإقدامُ أئمة الاجتهاد تتفاوتُ، فقد يدركُ بعضُهم من المداركِ ما لا يدركُ الآخر بعضَه. نسأل الله إصلاحَ الأقوالِ والأفعالِ.
وفي هذا المقدرا كفاية لمن له هداية.
حرر في الثلث الأوسط من ليلة الجمعة لعلها ليلة تاسع وعشرين شهر ربيع الآخر سنة ١٢١٠ كتبه جامعه الحقير محمد الشوكاني ـ غفر الله له ـ. [٨أ]