للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تأويل (١) مثل حديث أبي هريرةَ هذا، وحديث سمرة، وواسع بن حبّان المتقدّمين من التعسُّفات والتكلُّفات ما يتبرى الإنصافُ منه، ويمجُّه طبع كل متشرعٍ مُؤْثِرٍ لما جاء به الشرع على ما جاء به أهلُ الرأي من الآراء المخالفةِ له (٢) ومَن صاحبُ الرأي حتى يردّ كلام الشارع إلى كلامه! وتُطلْلَبُ له التأويلاتُ لأجلِه، ويُذادُ عن معارضتِه! وهل هو إلاَّ في عداد المتعبدين بالشرع، المأخوذين بأحكامه، المطلوبين بما فيه، لا فرق بينه وبين سلائر الأمة من هذه الحيثية، فرأيه المخالِفُ لما جاء عن الشارع ردٌّ عليه، مضروب به في وجهه، مرميّ به وراء الحائط.

البحث الثاني: في الكلام على سؤال السائل ـ كثر الله فوائده ـ وقد عرف من البحث الأول إجمالاً، فلنعرفْ من هذا تفصيلاً فنقول:

أما قوله: وقد ذكرتم في شرح المنتقى (٣) ما لفظه: وفي سماعِ الباقرِ من سمرةَ نظرٌ ... إلخ.

فجوابه ما قدمنا من النقل [٤ب]، على أنا قد قدمنا أنه قد وردَ مثلُه من طريق أخرى ومن ذلك فلو فرضنا عدَم ورود حديث سمرةَ، والحديث الذي عضَّده وشهد له لكان في الأحاديث الواردة بنفي الضِّرار، وما في معناها ما يسوغُ ما ذكرناه من بيع المشتركِ مع وجود الضِّرار.

وأما ما ذكره من أن في القصة ما يفيد أنَّ الحائط لم يكن مُلكُ سمرةَ.

فليسَ فيه ما يفيدُ ذلك بمطابقة، ولا تضمُّنٍ، ولا التزامٍ؛ فقد أثبتَ في لفظ الحديث ملكَه لعضد النخلِ في حائط الأنصاري، ومجرَّدُ نسبتِه إلى الأنصاري لا تنفي أن يكون بعضُه لغيرِه، فإن الأشياء تُنْسبُ باعتبار الغالبِ والأكثر فيقال: حائط فلانٍ لمن يملكُ


(١) انظر "فتح الباري" (٥/ ١١٠ - ١١١).
(٢) "المغني" (٧/ ٣٥ - ٣٦).
(٣) (٣/ ٨٠١ - ٨٠٢).