ذلك وجهًا لوقوع الحكم من الحاكم بالرجوع عليهِ، ولكنه لما كان فقيرًا كان معذورًا من القضاء إلى ميسرة، كما شرعه الله لعباده في محكم كتابه، وأما إذا كان تسليمُ الدين من المؤجِّر والمعيرِ لا بإذن من الراهن، ولا بحكمٍ من الحاكم، فلا مناطَ شرعيٌّ يوجب الرجوعَ على الراهن، بل قد وقع منهما الاستخلاص لملكهما بتسليم الدَّين، والراهنُ معذورٌ بالفقر، والدَّيْنُ باقٍ في ذمَّته، فمتى أيْسَرَ كان للمؤجر والمعير [٣أ] أن يلزما المرتهِنَ بالمطالبة للراهن بدينه، فإذا قبضه منه كان لهما أن يرجعَا على المرتهنِ بما دفعاه إليه استخلاصًا لتلك العينِ، لأنه قد قبض دينَه ممن عليه الدينُ، وهو الموجِبُ لحبس العين، فيجبُ عليه ردُّ ما قبضَهُ منهما، لأنه لم يقبضْ ذلك إلاَّ في مقابلة فكِّ الرّضهن لصاحبه، لا أنه دينُه الذي يستحقُّه على مَنْ هو عليه.
فإن قلتَ: إذا كان الراهنُ شريكًا للمؤجِّر والمعير، وأعسرَ قبل قضاء الدين فماذا يكون؟.
قلتُ: إذا كانت قسمةُ العين ممكنةً قسَمَها الحاكم (١)، وسلَّم للمؤجِّر أو المعير نصيبَهما حيث قد سلَّما ما يقابلُ ذلك من الدَّين، وبقي نصيبُ الراهنِ رهنًا حتى يتمكَّنَ من قضاء الدين، أو يحكمَ الحاكم عليه بقضاء الدين من نصيبه من تلك العينِ المرهونةِ.
وحكم المؤجِّر أو المعيرِ فيما سلَّماه لاستخلاص تلك العينِ يكونُ على التفصيل السابق. وأما إذا كانت العين مما لا يمكن قِسْمَتُه فليس للمؤجِّر أوا لمعير أن يطالِبَا باستخلاص نصيبهما، إلاَّ إذا بذلا جميعَ الدين المتعلِّق بالعين، لأ، هما قد رضيا بِحَبْسِ العينِ إلى غايةٍ هي قضاءُ جميع الدَّين، أو قضاءُ ما يقابل نصيبَهما من العين، لكن بشرط عدم دخول النقص على المرتهنِ، ولا يتمُّ ذلك إلاَّ في مث لالصورة الأولى، لا في مثل هذه الصورة، لعدم إمكان القسمةِ.
البحث الثالثُ: سؤالُ السائلِ ـ كثر الله فوائده ـ عن إعسار المؤجِّرِ للعين، أو المعيرِ