للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لها للرهنِ مع إعسارِ الراهنِ، ولم يبقَ سوى تلك العين هل يجوزُ للحاكم أن يبيعَها لقضاء دين المرتهن؟ ... إلخ.

أقول: ليس له ذلك لأمرين:

الأول: أنه لا يحلُّ مالكُ المؤجِّرِ أو المعيرِ إلاَّ بطيبةٍ من نفسه وبرضائه، كما صرح بذلك الكتابُ العزيزُ، والسنةُ المطهرة، وهما لم تطب أنفسُهُما بذلك، ولا رَضِيَا به [٣ب].

والثاني: أنهما إنما رضيا بِحَبْس العين فقط، ولم يحصلْ منهما الرِّضى بزيادةٍ على ذلك فضلاً عن إخراجها عن ملكهما إلاَّ في مثل صورة الاشتراك والتفويض الذي قدمنا ذِكْرَهَا وهي مسألةٌ أخرى غيرُ مسألةِ العينِ المؤجرة أو المُعارة للرَّهن. ومع هذا فقد ثبتَ في الصحيح عنه ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ من حديث (١) أبي هريرةَ أنه قال: "لا يغلقُ الرهنُ بما فيه" قال في النهاية (٢): يقال: غلقَ الرهنُ غلوقًا إذا قي في يد المرتهن لا


(١) أخرجه الشافعي في "المسند" (٢/ ١٦٤ رقم ٥٦٨) والدارقطني (٣/ ٣٢ رقم ١٢٦) وقال: "هذا إسناد حسن متصل". والحاكم في "المستدرك" (٢/ ٥١) والبيهقي في "السنن الكبرى" (٦/ ٣٩) وابن حبان رقم (١١٢٣ ـ موارد).
قال ابن حجر في "بلوغ المرام" رقم (٦/ ٨١٢) بتحقيقنا: أن رجاله ثقات إلا أن المحفوظ عند أبي داود وغيره إرساله في "المراسيل" لأبي داود رقم (١٨٦). ورجاله ثقات رجال الصحيح، غير محمد بن ثور، وهو ثقة، وأخرجه البيهقي (٦/ ٤٠) من طريق أبي داود.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" رقم (١٥٠٣٣) ومن طريقه الدارقطني (٣/ ٣٣) عن معمر به.
وأخرجه الطحاوي (٤/ ١٠٢) من طريق أبي النعمان، عن سفيان، عن الزهري به وأخرجه الطحاوي (٤/ ١٠٠) من طريق ابن وهب أنَّه سمع مالكًا ويونس وابن أبي ذئب يحدثون عن ابن شهاب. عن ابن المسيب أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا تغلقُ الرهن" وهو في "الموطأ" (٢/ ٧٢٨ رقم ١٣) من طريق ابن شهاب.
وأيضًا في "المراسيل" لأبي داود رقم (١٨٧) ورجاله ثقات رجال الشيخين.
(٢) (٣/ ٣٧٩).