رضي بمشاركة ذي العمل الأقل، والعرف جار بالاستواء في ذلك. قال انتهى بلفظه.
أقولُ: قوله سواء كانت الشركةُ صحيحةً أو فاسدةً إنما يتمُّ بعد معرفة ماهيَّة الشركة العرفية الصحيحة والفاسدة، ولم يقع التدوين لشء مما يتعلق بها من الشروط والأركان، حتى يُقال: هذه صحيحةٌ، وهذه فاسدةٌ. فإن كان جازمًا بأنها راجعةٌ إلى أحدِ الشِّرَكِ المدونة في كتب الفقهِ فما هي؟ وإن كان بناءً على كلام الناظري من أنها شركة أبدان، أو كشركة الأبدان فقد تقدم بيانُ بطلان ذلك.
وأما قوله: لأن من عمل أكْثر فقد رضي بمشاركة ذي العمل بالأقلّ.
فأقولُ: إن كان هذا الرِّضى معلومًا عند التنازع فهو المناطُ في تحليل ذلك، وإن يكن معلومصا فلا وجْهَ للتسوية على فرض الاختلاف في العمل أو المال.
وبالجملة فكلامُ الإمام شرف الدين هذا رجوعٌ إلى الرضى، وهو باب آخرُ غيرُ باب الشركة كما سيأتي بيانُه إن شاء الله.
وأما قولُه: والعرف جارٍ كالاستواء فلعلَّه يجعل ذلك دليلا على حصول التراضي، ولا شك أنه يُسْتَفَادُ منه كون الظاهر الرِّضى إذا كان معلوما لكل واحدٍ منهم، والإطباقُ عليه كائنٌ بين الناس، أما إذا لم يكن معلومًا [٢ب] للمشتركينَ، أو كان العرفُ مختلفًا كما نشاهدُه الآن فلا يتمُّ ما ذكره من الاستدلال بالعرف، وأيضًا هو ليس بمناط شرعيٍّ، بل هو قرينةٌ على وجود المناط الشرعيِّ أعني: التراضيَ، هذا على فَرَضِ الإطباقِ، وعدم الاختلاف فيه، فكيف إذاكان مختلفًا غاية الاختلاف كما نشاهده فيما يردُ من الخصومات والسؤالات! فإن المعلوم من أحوال الناس في هذه الأزمنة أنه لو علم الأكثرُ نصيبًا في المال، أو الأكثرُ عملاً في مداخل الرزق وأسبابه أنّ من كان أقلّ منه