للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تابعٌ للتقبُّلِ. وعلى فَرَضِ أن العمل قائمٌ مقامَ التقبُّل فالربح فيها يتبع العمل، وأيضا قد صرَّحوا بأن القولَ لكلٍّ فيما هو في يدِه في هذه الشركةِ، بل وفي غيرها، فكيف يكونُ ما ذكره صحيحًا! وقد حمل العلامةُ أحمدُ بن علي الشامي صاحبُ الحواشي في شرح الأزهارِ [٢أ] والبيانِ كلامَ الناظري هذا علىأ، ه لم يعتبر الإضافة من أحد المشتركين إلى نفسه، واعترضه شيخُ مشايخنا المذكور سابقًا بما تقدم من العرف، وفتاوى المتأخرين.

وبالجملة فليس المرادُ هاهنا إلاَّ بيان بطلان ما زعمه الناظريُّ من أن ذلك شركة أبدانٍ، أو كشركة الأبدانِ. وإذا تبيَّن ذلك علمت أن ما أفتى به ليس هو منقولاً عن كتب أهل المذهب، ولا عن غيرهم من أهل المذاهب، وإنما هو كلام جرى منه على طريق الفتوى التي يفعلها أمثاله، ولم يصح ما زعمه من أنها شركة أبدان، أو كشركة الأبدان. وستعرف ـ إن شاء الله ـ ما هو الحقُّ الذي ينبغي اعتمادُه، والعملُ عليه بعد الفراغ من نقل ما قاله المتأخرونَ في هذه الشركة العُرْفيَّة.

ومن جملة ذلك ما حكاه أيضًا شارحُ المسائل المرتقاة عن فتاوى الإمام شرف الدين فإنه قال ـ بعد نقله لكلام الناظري (١) السابق ـ ما لفظُهُ: ومثل هذا نُقِلَ عن فتاوى الإمام شرف الدين (٢) في قصة تَقْرُب من هذا. قال: وسواء كانتِ الشركة صحيحة أو فاسدة، أما مع الصحة فظاهرٌ، وأما مع الفساد فالواجبُ أُجرةُ المِثْل، وهي هنا حِصَّتُهُ مما يخرجُ إذا قُسِّمَ على الرؤوس، ولو كان عملُ بعضهم أكثرَ من بعض (٣)، لأن من عمل أكْثَر فقد


(١) تقدمت ترجمته.
(٢) تقدمت ترجمته.
(٣) قال ابن قدامة في "المغني" (٧/ ١١٤) وإنْ عمل أحدهما دون صاحبه فالكسب بينهما، قال ابن عقيل: نصَّ عليه أحمد في رواية إسحاق بن هانئ وقد سئل عن الرَّجلين يشتركان في عمل الأبدان، فيأتي أحدهما بشيء ولا يأتي الآخر بشيء؟ قال: نعم، هذا بمنزلة حديث سعد: وابن مسعود يعني حيث اشتركوا، فجاء سعدٌ بأسيرين وأخفق الآخران، ولأنّض العمل مضمونٌ عليهما معًا، وبضمانهما له وجبت الأجرة، فيكون لهما كما كان الضّمان عليهما ويكون العامل عونًا لصاحبه في حصَّته. ولا يمنع ذلك استحقاقه.