للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حصل من الخُسْرِ كان عليهم على كذا فلا شكَّ أن هذا لا إشكالَ فيه، أولا خصومة [٣أ] بين المتصاقينَ بهذه المصادقة، وإن أراد التصادُقَ الكائنَ منهم هو مجردُ التصادق على الاجتماع في الحاصل والمستفاد فهذا تصادقٌ لا يقطعُ خصومةً، ولا يقال إنه لا إشكال فيه، لأنه لا تلازُمَ بين هذا التصادق وبين كيفية قسمة الربحِ والخسرِ بين المشتركين، لا شرعًا، ولا عُرْفًا، ولا عقلاً.

وأما ما ذكره من الوجه الثاني من أنه يُحْكَمُ بالشركة للجميع في جميع ما جرى به التصرفُ، فيقال له: هلِ المرادُ مجردُ الاشتراك أعمُّ من أن يكونَ على الاستواء أو على الاختلافِ فلا جدوى في هذا الكلام، وإن كان المراد خصوصَ الاشتراكِ وهو الكائنُ على طريق التساوي بين الأقلّ مالاً، أو سعيًا، والأكثرِ مالاً أو سعيًا، فما هو المسوِّغُ الشرعي لمثل هذا؟ مع فرض اختلافِ قَدْرِ المال، وتبايُنِ صفةِ الأعمالِ؟ إن قال: إنْ ذلك لدليلٌ فأينَ هو؟ وإن قال: هذا هو راجعٌ إلى نوع من أنواع الشركة فما هو؟ وإن كان ذلك مجرد اجتهاد مجتهدٍ، أو تقليد مقلِّدٍ فلا تقومُ به الحجةُ، ولا يلزمُ قبولُه من حاكمٍ، ولا مخاصِمٍ، فكلُّ ما لم يُرْبَطْ بدليل تنتهضُ به الحجةُ لا تقومُ به الحجةُ. ومع هذا فلا نشكُّ أن هذا القائلَ ـ رحمه الله ـ لم يتكلَّمْ هاهنا على ما يقتضيه الاجتهادُ، بل على مقتضى ما قرره أصحابُنا، وقد عرفتَ أنهم صرَّحوا بأن الربحَ (١) والخسرَ في شركة الأبدان على قدرِ التقبُّل، وصرَّحوا بأن القولَ في تلك الأنواعِ المحرَّرةِ في كتبهم في شركة المكاسبِ لكلٍّ من الشريكين فيما هو في ديه فكلامُهم هذا الذي تكلَّم ابن حابس على مقتضاهُ يخالفُ فتواهُ، ويباينُ ما أبداه.

وأما ما ذكره من الطرف الثالث فواضحٌ، وذلك وكالةٌ لا شركةٌ، وهو خارجٌ عن محلِّ النِّزاع، وهو مستفادٌ من كلام الإمام المتوكِّل على الله في المسائل المرتضاة حيث قال: إن الحاكمَ إذا عَلِمَ من حال الشركاء والأخوةِ التصرفَ عن الجميع فلا ينقضُ ما فعلَه


(١) انظر "المغني" (٧/ ١١٣) وقد تقدم.