وهذا كلامٌ صحيحٌ، لأن غايةَ ما فيه إن عَلِمَ الحاكمُ بأن ذلك التصرفَ الكائنَ على تلك الصفةِ يستفاد منه وقوعُ التوكيلِ والتفويضِ، وليس فيه ما يدلُّ على أن ذلك الذي وقع التصرفُ فيه [٣ب] يكون للجميعِ، إما على الاستواء، أو على الاختلاف، بل هو أو قيمتُه لصاحبه، ولا يخرجُها عن ملكهِ ما وقع منه من قوائنِ التوكيلِ والتفويضِ، بل ذلك يوجبُ صِحَّةَ التصرُّف فقط، فإذا كان في الشراء كان ذلك الشيءُ المشترى لمن دفعَ الثمنَ، وإذا كان في البيع كانت قيمةُ ذلك المبيعِ لمالكه، لا لمن تصرَّف فيه بالوكالة المدلولِ عليها بالقرائن التي أفادت الحاكمَ العِلْمَ.
ومن جملة كلامِ المتأخرينَ من أهل العلم في الشركة العُرفيةِ ما قاله شارحُ المسائلِ المرتضاة ولفظهُ: قلتُ: وما أحقَّ الحكامَ بين الناس بمعرفةِ هذه المسألةِ لكثرة حصورِ هذا الاشتراكِ على هذه الصفةِ، لا سيما بين الإخوة والقراباتِ، ويشارِكهُم في ذلك النساءُ، كالأخواتِ، والبناتِ، والزوجات بقيامهنَّ بعمل البيوتِ، وعمل الطعام، بطحنه وصَنعته، وتحصيل مَؤُنَةٍ من ماء، وحطبٍ، وغير ذلك مما لا تقومُ به الرجالُ، ولا ينتظم لهم مالُ الاكتسابِ والأعمال من حرثٍ وغيره، إلاَّ بقيام النساء بذلك. وقد يكون معهم أو مع أحدهم أولاد، ويقومُ كلُّ واحد منهم بعملٍ، ثم قد يحصل بعد ذلك تشاجُرٌ وترافعٌ إلى الحكام عند القِسْمَةِ، وترك الاشتراك، وانفراد كلٍّ منهم بعمله، وخاصَّةِ نفسه، ويريدُ بعضُهم الاختصاص بشيء من المكتسبات، أو أن يجعلَ أكثَرَ من أنصباءِ شركائِه، ويدلي بكثرة العمل من قبله، أو يكون عملُه أنفعَ، أو أجْلَبَ للمصالح التي يرتزقُ منها كالبيع والشراء، وقد يريد الجميع أو البعضُ حِرْمان النساء، ويعتقدون أنه لا حَظَّ لهنَّ في الاشتراك مع قيامهنَّ بما ذكر من أمر البيوتُ الذي لا عمل أنفعُ، ولا أجلبُ للاكتساب منه، وكلُّ ذلك لاي قتضي شيئًا من الاختصاص ولا التفصيل، وإنما يُقْسَمُ الكلُّ على لؤوس المشتركين المجتمعين على التعاون في الأعمال، وقيام كلٍّ منهم بعملٍ من الرجال والنساء، وإن حصلَ في الأعمال تفاوتٌ بجهةِ كثرةِ عملِ أحدهم، أو