للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زيادة نفعه فلا تأثيرَ له، لما ذكره الإمامُ شرفُ الدين ـ عليه السلام ـ من وقوع التراضي بمشاركة ذي الأقل في العمل، وجرى العرفُ بالاستواء، ويمكن أن يُحتَجَّ لذلك بما روى عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي ـ عليه السلام ـ أن رجلين كانا شريكين على عهد رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ فكان أحدُهما مواظبًا على السوق والتجارة، والآخر مواظبًا على المسجد والصلاة، فلما كان وقتُ [٤أ] قسمةِ الربح قال صاحب السوق: فضِّلْني في الربح؛ فإني كنت مواظبًا على التجارة، فقال النبي ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ: "إنما كنت ترزقُ بمواظبة صاحبك على المسجد" رواه في الشفاء (١)، ونحوه في أصول الأحكام والمجموع الذي في الجامع عن أنس قال: كان أخوانِ على عهد رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ فكان أحدهما يحترفُ، وكان الآخر يلزمُ رسولَ الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ ويتعلَّمُ منه، فشكى المتحرفُ أخاه إلى رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ فقال: "لعلك به ترزقُ" رواه الترمذيُّ (٢)، وينبغي للشركاء تخصيصُ ذي الأكثر عملاً بشيء، أو تفضيلُه مكافأةً له وتطييبًا لنفسه، لأنه محسنٌ، وما جزاءُ الإحسانِ إلاَّ الإحسانُ، والله أعلم. انتهى.

أقول: محصّضلُ كلامشه هذا أنه يُقْسَمُ الحاصلُ على الرؤوس، من غير فرقٍ بين الكبير والصغير، والذكر والأنثى، وصاحب المال ومن لا مال له، وصاحبِ العمل الكثير ومن لا عمل له، وغيرُ خافٍ عليك أن الأصلَ في أموال المسلمين العصمةُ، وأنها لا تحلُّ إلا بطيبة نفس، ولا تؤكل بالباطل كما صرَّح به الكتابُ العزيز والسُّنَّةُ المطهرة "إنما أموالكم ودماءكم عليكم حرامٌ" (٣) كما صحَّ ذلك عن رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ، فكيف يَحِلُّ لمن لا مالَ له مثلاً أنْ يشارك صاحب المال في المكتسبات من


(١) "شفاء الأوام" (٣/ ٣٦) بدون سند.
(٢) في "السنن" رقم (٢٣٤٥) وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وهو حديث صحيح.
(٣) تقدم تخريجه.