للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك المالِ، أو يحلُّ لمن لا سعيَ له أن يشاركَ من له سعيٌ في عملٍ بتحصيلٍ منه مكتسباتٍ لا عمل لغيره فيها! وتكون تلك المشاركةُ بمجرد أ، هم يجتمعونَ في تحصيل الطعام والشرابِ، ويقومُ كلٌّ منهم بشيء منه، ويجتمعون على أكله، أوا شتركوا في غيره اشتراكًا لا يوجبُ التسويةَ، كأن يكون لأحدهم من المستغلات ما يتحصلُّ ألفَ درهم، وللآخَرِ ما يتحصلُ منه درهمٌ، أو يسعى أحدُهم سعيًا يكون الحاصلُ منه مثلُ عُشْرِ معشارِ الحاصلِ من سعي الآخرِ! فهل يوجبُ العدلُ الذي قامت به السمواتُ والأرضُ أن يُقْسَمَ الحاصلُ بينهما على السوية؟ وما الوجه في الحكمِ بهذا؟ إن كان لدليل من كتاب أو سنة يقتضي ذلكفما هو؟ وإن كان لحصول المناط الشرعي، وهو الرضى وطيبةُ النفس، فالمفروض أنَّهم في الخصومة، وكلُّ واحد منهم يطلبُ ما يوجبهُ الشرع، وينكرُ الرضى بغيره، وإن كان ذلك تقليدًا للإمام شرف الدين من وقوع التراضي بمشاركة الأقلِّ في العمل، وجرى العرفُ [٤ب] بالاستواء، فقد عرَّفْنَاكَ فيما سلف على كلام الإمام شرف الدين بما يغني عن الإعادة، ويستقلُّ بالإفادة؛ إذ المفروضُ في هذه الشركة العرفية الواقعة في هذه الأزمنة أنه لا تراضي، وأن العُرْفَ المدعَى غيرُ كائنٍ، ولو سلَّمَ وجودُهُ في تلك الأزمنةِ فوجُودُهُ في هذه الأزمنة غيرُ مسلَّمٍ كما قدمنا تقريرَهُ.

ولا يخفى على مَنْ له ممارسةٌ لأحوال الناس، وخبرةٌ بما يجري بينهم أنه لو عَلِمَ صاحبُ المال والسعي الكثيرِ أن من لا مالَ له، أو له سعيٌ حقيرٌ سيشارِكُه في المكتسباتِ الحاصلةِ من غِلاَّتِ أمواله، أو من سعيه، ويأخذُ مثلَ نصيبهِ بمجرَّدِ المشاركةِ له في أيسرِ عمل، وأحقرِ سعي لم يرضَ بالشركةِ قطُّ، بل المعلومُ أنه كان سيفرُّ منها فِرارًا شديدًا، ويأباها إباءً عظيمًا، وكيف يحسنُ بالعالمِ بل العاقلِ أن يحكمَ جزمًا، ويقطعَ بتًّا بأن من كان له مثلاً من المستغلاتِ أو الأعمالِ ما يحصلُ منه في العام ألوفٌ مؤلَّفَةٌ من الدنانير يرضى بمشاركة من لا يحصلُ له درهم ولا دينارٌ! وليس له إلاَّ مجردُ سعيٍ خفيفٍ، ومعاونةٍ في أمر حقير! فهل يقولُ بهذا قائلٌ، أو يسوِّغه عقلُ عاقلٍ! حتى يجزمَ بأنه