بالبرهان، فإذا برهن كل واحد منهم على دعواه كان لصاحب الكسب قَدْرُ كسبه على ما يقوله العُدولُ المختبرون، وعليه قدرُ ما استنفقَه على ما تقتضيه العادةُ، فإن أقام مدعي الإنفاق البرهان على أنه رضي ذلك الكاسبُ بأن يكون ما استنفقَه أُجْرَةً له كان الرضى معمولاً عليه، ولا يستحق غيرَ ما رضي به، فالرِّضى مناطٌ كما عرفناك سابقًا، ودعْ عنك النَّظر إلى غيرِ هذا مما يُقَالُ إنه يقتضي فسادَ الإجارةِ أو صِحَّتَها فليس بعد الرِّضى من المكلَّف شيءٌ.
وأما الوجه الثامنُ: أعني قولَه: إذا مات أحدُ المتسبينَ والمشتركيَ، أو تزوجَ، أو غابَ، وثَمَّ مالٌ، والتبس ما كُسِبَ بعدَه ... إلخ.
فالجوابُ: أن القولَ قولُ المباشرينَ للاكتساب المحصِّلينَ لتلك الفوائدِ الثابتينَ عليها، فمنِ ادَّعى من ورثة مَنْ مات أو خرجَ من شَرِكَتِهم أنَّ له حقًّا فيها مع كونها حاصلةً بعد موتِه أو خروجِه فهو يدَّعي خلاف الظاهر فعليه البيِّنة، والقول قول المشتركين. هذا على فَرَضِ أنه [٩ب] لم يكن ثَمَّ ظاهرٌ يخالفُ ذلك، فإن كان موجودًا فالقولُ قولُ من هو مستمسك بالظاهر، والبينة على مَنْ يخالِفُه هذا إذا كان للمتسبينَ سعيٌ تتحصل به فوائده من غير الأموال المشتركة بين ورثة مَنْ ماتَ أو خرجَ عن الشركة، وبينَهم كأهلِ التجاراتِ ونحوِها.
أما إذا كان لا مدخَل للمشتركين إلاَّ من غِلاَّتِ الأموال التي نصيبُ مَنْ مات أو خرجَ عن الشركةِ فيها، فلا قبولَ لدعوى من يدَّعي الاختصاصَ، بل الظاهرُ قولُ من قال: أن له نصيبًا من الكسائب بقدر مالِ موروثه، أو بقدر ماله المتروك في أيديهم بعد خروجه من الشركة، فَيُقْسَمُ ما هو راجعٌ إلى المال على قدرِ الأموالِ. وما هو راجعٌ إلى العمل فيها على قدر العمل بين العاملين.
وأما الوجه التاسعُ: أعني قولَه: لو تزوج أو جنى ... إلخ.
فالجواب: أنَّ الشرعَ يفضي بلزوم ما صدرَ عن أحدِهم لمن صدر عنه، ولا يلزم غَيْرَهُ