(٢) أنَّ بيع الصبرة جزافًا خع جهل البائع والمشتري بقدرها مباح وبهذا قال: أبو حنيفة والشافعيُّ. ولا نعلم له خلافًا. وقد نص عليه أحمد، ولدَّ عليه قول ابن عمر. كنَّا نشتري الطَّعام من الرُّكبان جزافًا فنهانا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نبيعه حتى ننقله من مكانه" متفق عليه. ولأنَّه معلومٌ بالرؤية، فصح بيعه، كالثياب والحيوان، ولا يضرُّ عدم مشاهدة باطن الصبرة فإن ذلك يشقُّ، لكون الحبِّ بعضه على بعض ولا يمكن بسطها حبةً حبَّةً. ولأنَّ الحب تتساوى أجزاؤه في الظاهر. فاكتفى برؤية ظاهره، بخلاف الثَّوب، فإنَّ نشرَه لا يشقُّ، ولم تختلف أجزاؤه، ولا يحتاج إلى معرفة قدرها مع المشاهدة لأنَّه علم ما اشترى بأبلغ الطرق. وهو الرؤية. وكذلك لو قال بعتُك نصف هذه الصبرة أوثلثها، أو جزءً منها معلومًا جاز، لأنَّ ما جاز بيع جملته. جاز بيع بعضه، كالحيوان، ولأنَّ جملتها ملعومة بالمشاهدة، فكذلك جُزؤها. قال ابن عقيل: ولا يصحُّ هذا إلا أن تكون الصبرة متساوية الأجزاء فإن كانت مختلفة، مثل صبرة بقَّال القرية، لم يصحَّ. ويحتمل أنْ يصح لأنَّه يشتري منها جزءًا مشاعًا، فيستحقُّ من جيِّدها ورديئها بقسطهِ. انظر: "المجموع" (٩/ ٣٧٦ - ٣٧٧)، "المغني" (٦/ ٢٠٧ - ٢٠٩).