للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيقع النزاعُ بينَهما وبينَ البائع، وما يشاكلُ ذلكَ من الأغراض.

وأما قولُ الحاكِمَيْنِ أنّه لا فرق بين قولِنا ربعٌ، أو نصفٌ، أو ثلثٌ، أو خُمْسُ لِبَنٍ مشاعًا ... إلخ فليسَ كما ينبغي؛ فإنّ الفرقَ [بين المقيَّد بالمشاع (١) مطلقًا، وبينَ المقيَّد بخصوصِ الجُزْءِ المعلومِ من ثلثٍ، أو رُبُعٍ كالفرق] (٢) بين العامِّ والخاصِّ، لصدق اسم المشاع على ما كان مُنتَسِبًا إلى الأصل بجزءٍ معلوم، وعلى غيرِه. وعلى الجملةِ فالأصلُ الأصيلُ أن يكون المبيعُ معلومَ القَدْرِ، مُعَيَّنَ الجهةِ، لأنّ ما لم يكن كذلك في عِداد بيع الغَرَر (٣) الذي نهى عنه الشارعُ، وأيضًا الرِّضا (٤) الذي هو المناطُ للبيع المأذونِ فيه إنما يُتَصَوَّرُ على وجه الصِّحَّةِ فيما كان كذلك، فإذا وقع العقدُ على شيء غيرِ المقدارِ، أو الجهةِ فالرضا [١ب] المعتَبَرُ منتفٍ، وما يُظَنُّ من أنَّه قد يمكن الرِّضا مع عدم الأمرينِ


(١) إذا قال بعتك ربع هذه الدار أو ثلثها، فيصح قطعًا، سواء علما ذرعانها أم لا. وإن قال: بعتك من هذه الدار كل ذراع بدرهم لم يصح قطعًا ولا يجيء فيه الوجه السابق في نظيره من الصبرة عن مربح أنّه يصح في صاع واحد. لأن أجزاء الدار تختلف بخلاف الصبرة ولو قال: بعتك من هذه الدار عشرة أذرع كل ذراع بدرهم، فإن كانت ذرعانها مجهولة لهما أو لأهدهما لم يصح البيع بلا خلاف. بخلاف نظيره من الصبرة، فإنّه يصح على الأصح، والفرق ما ذكرناه الآن من اختلاف أجزاء الدار دون الصبرة، وإن كانت ذرعانها معلومة لهما صح البيع عندنا.
وحمل الإشاعة، فإذا كانت مائة ذراع كان المبيع عشرها مشاعًا وبه قال أبو يوسف ومحمد وقال أبو حنيفة: لا يصح، وهو جه لبعض أصحابنا حكاه الرافعي. والصحيح المشهور الصحة، وبه قطع الأصحاب قال إمام الحرمين: إلا أن يقصد أذرعًا معينة فيبطل البيع كشاة من القطيع. "
المجموع" (٦/ ٢٠٩).
وقال ابن قدامة في "المغني" (٦/ ٢٠٩٨): ولو باع ما لا تتساوى أجزاؤه، كالأرض والثوب والقطيع من الغنم ففيه نحو من مسائل الصُّبَرِ.
وإن قال: بعتك هذه الأرض أو هذه الدار أو هذا الثوب، أو هذا القطيع بألفٍ صح. أو قال بعتك نصفه أو ثلثه، أو ربعه، بكذا صحَّ أيضًا، ...
(٢) زيادة من (ب).
(٣) تقدم مرارًا.
(٤) تقدم مرارًا.