للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غيره.

وإذا تقررتْ مشروعيةُ الوقف، وأنه من القُرَب (١) فلا يتفاوتُ بتفاوت المصرِفِ، سواء كان مسجدًا أو فقيرًا أو غيرَهما، وسواءٌ كان الفقيرُ قريبًا، أو أجنبيًّا. ولنقتصر على هذا المقدارِ ففيه كفايةٌ.

وأما لفظ الذرية فالظاهر [٣أ] أنّ الرجلَ إذا قال: وقفتُ هذا على ذريتي كان لمن يصدقُ عليه اسمُ الذريةِ لغةً، أو شرعًا، أو عرفًا. ولا فرقَ (٢) بين الذَّكَرِ والأنثى، والعالي والسافل، لأنّ الصيغةَ عامَّةٌ (٣)، فإن وُجِدَ أمرٌ يفضي بتخصيصِ هذا العمومِ من قرينةحالٍ أو مقالٍ فذاك، وإلاَّ فالعملُ بما يدلُّ عليه ذلك اللفظُ وهو المتعيَّنُ. والله أعلم.


(١) أخرج البخاري في صحيحه رقم (٢٧٣٧) ومسلم رقم (١٦٣٢) وأحمد (٢/ ١٢) وأبو داود رقم (٢٨٧٨) والترمذي رقم (١٣٧٥) والنسائي (٦/ ٢٣٠) وابن ماجه رقم (٢٩٦) من حديث ابن عمر قال: أصاب عمر أرضًا بخيبر ـ فأتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضًا بخيبر لم أُصب مالاً قطّ هو أنفس عندي منه، فما تأمر به؟ قال: "إنْ شئت حبَّست أصلها وتصدَّقت بها" قال: فتصدق بها عمر: أنّه لا يباع أصلها، ولا يورث، ولا يوهب، قال: فتصدّق عمر في الفقراء، وفي القربى، وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل والضعيف، ولا جناحعلى من ولياه أن يأكل منها بالمعروف، أو يطعم صديقًا غير متمولٍ فيه وفي رواية غير متأثلٍ مالاً.
وانظر: "فتح الباري" (٣/ ٤٠٢ - ٤٠٤).
(٢) في حاشية المخطوط ما نصه:
"ينظر لو خالف العرف الشرع أو اللغة في ما يصدق عليه اسم الذرية فما يُقدَّم هل الشرع أو عرف الواقع؟ فالمقام محتاج إلى تفصيل".
"لا حاجة إلى التفصيل فالحقيقة الشرعية مقدمّة على اللغوية، فبالأولى العرفية فترك التفصيل للظهور".
(٣) انظر "الأم" (٨/ ١٧٧).