والإثبات لغة: إقامة الثبت وهو الحجة. والإثبات في اصطلاح الفقهاء: هو إقامة الحجة، أمام القضاء بالطرق التي حددتها الشريعة على حق أو واقعة تترتب عليها آثار شرعية. فالإثبات في الغالب هو المعيار في تمييز الحق من الباطل، والسمين من الغث وهو الحاجز أمام الأقوال الكاذبة، والدعاوي الباطلة، وهذا الذي نلمسه في الحديث الشريف الذي يعتبر منار القضاء، وأساس الإثبات فقد روى ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لو يُعطى الناس بدعواهم لادعى رجالٌ دماء رجالٍ وأموالهم لكن البينة على المدعي، واليمين على من أنكر" ـ حديث صحيح متفق عليه ـ وجه الدلالة أنّه لا يقبل الادعاء بدون دليل، وإلا تطاول الناس على الأعراض وطالبوا بأموال الآخرين وزهقت الأنفس. فكل ادعاء يحتاج إلى دليل، وكل قول لا يؤخذ إلا بالحجة والبرهان وكل حق يبقى ضعيفًا مهددًا بالضياع، مجردًا عن كل قيمة إذا لم يدعم بالإثبات ويصبح الحق عند المنازعة فيه هو والعدم سواء، ولذلك قال بعض العلماء: إن الدليل فديةُ الحق، أو جزية الحق، ولولا الإثبات لضاعت الحقوق وزهقت الأنفس. ويشترط في الإثبات أن تتوافر فيه شروط منها: ١ - أن تسبقه دعوى. ٢ - أن يوافق الإثبات الدعوى. ٣ - أن يكون الإثبات في مجلس القضاء. ٤ - أن يكون الإثبات منتجًا في الدعوى. ٥ - أن يكون موافقًا للعقل والحس وظاهر الحال. ٦ - أن يستند الإثبات إلى العلم أو غلبة الظن. ٧ - أن يكون الإثبات بالطرق التي أقرها الشارع. يتم إثبات الحق أوالواقعة أمام القاضي بوسائل كثيرة: أهمها الإثبات بالشهادة، والإثبات بالإقرار، والإثبات باليمين والإثبات بالكتابة، والإثبات بالقرائن، والإثبات بعلم القاضي، والإثبات بالمعاينة والخبرة". "بدائع الصنائع" (٦/ ٢٧٧)، "تبصرة الحكام" (١/ ١٢٩)، "الطرق الحكمية" (ص٨٨).