للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعودون إلى كبارهم وأبناء نوعهم فيقولون أغوينا من كنا نصاحبه، ألهيناه عن الشهادة، سولنا له المضارة في وصيته، وعلى فرض أن يكون ذهابهم بعد ذلك إلى غير ما هو الغالب فليس مما يتعلق بها فائدة ولا يحتاج إلى الدراية به.

نعم ورد ما يدل على أنه يأتي الشيطان الإنسان إلى قبره (١) ويتعرض لفتنته وهذا إن كان من الملازمين (٢) له حال الحياة فهو يدل على أنهم لا يفارقونه عند الموت مفارقة لا يوافقونه بعدها. اللهم إنا نسألك العصمة من هذا العدو المسلط.


(١) انظر "التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة" (١/ ١٠٠ - ١٠٢).
(٢) قال تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ، وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ، حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ} [الزخرف: ٣٦ - ٣٨].
قال ابن كثير في تفسيره (٧/ ٢٢٨) هذا الذي تغافل عن الهدي نقيض له من الشياطين من يضله، ويهديه إلى صراط الجحيم، فإذا وافى الله يوم القيامة يتبرم بالشيطان الذي وكل به: {قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ} وقرأ بعضهم: {حَتَّى إِذَا جَاءَنَا} يعني القرين والمقارن.
قال عبد الرزاق: أخبرنا معمر: عن سعيد الجريري قال: بلغنا أن الكافر إذا بعث من قبره يوم القيامة سفع بيده شيطان فلم يفارقه، حتى يصيرهما الله إلى النار فذلك حين يقول: {يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ}.
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (٢/ ١٦١).
وقال الآلوسي في "روح المعاني" (٢٥/ ٨١): {نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا} أي نتح له شيطانا ليستولي عليه استيلاء القيض على البيض وهو القشر الأعلى. {فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}: دائما لا يفارقه ولا يزال يوسوسه ويغويه وهذا عقاب الكفر بالختم وعدم الفلاح.