للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

[سؤال في الوقف على الذرية]

قال السائل: الذي يعرف من قصد الواقفين هو محبتهم أن يكونوا أولادهم أغنياء لا عالةً يتكففون الناس، وخلاصة السؤال:

هل يجوز البيع عند مسيس الحاجة اللاحقة للموقوف عليه أم لا؟

قال رضي الله عنه: ينبغي ههنا تقديمُ مقدمةٍ هي.

مشروعيَّةُ مُطلقِ الوقف.

لا ريب أنَّ النزاع واقعٌ فيها بين السَّلف والخلف، لكنَّ الحقَّ مشروعيَّتُه لما ثبت في المتَّفق عليه (١) من قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمر: "حبِّس الأصل، وسبِّل الثمر" وحديث إذْنِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأبي طلحة بوقف بيْرَحاء، وهو متّفقٌ عليه (٢)، وحديث: "أما خالد فقد حبس أدرعه وأعْتُدَهُ في سبيل الله" وهو أيضًا متفق عليه (٣). ولصدور الوقوع عن جماعةٍ من أكابر الصحابة كما حكاه البيهقيّ (٤)، منهم أميرُ المؤمنين رضي الله عنه وكان صدور ذلك منهم بعد موته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتقرر بما ذكرنا ثبوت مشروعية مُطْلق الوقف (٥) أعَمَّ مِنْ أنْ يكون على قرابة كما في وقف أبي طلحة وغيره، أو على المسلمين كما في وقف عمر، أو على الجهاد كما في وقف خالد، أو على قُرَبٍ من القُرب كما في حديث: "خيرُ ما يُخلِّفُ المرءُ بعدَهُ ثلاث منه الصدقة الجارية" أخرجه النسائيُّ (٦)، وابن ..............................


(١) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٢٧٣٧) ومسلم رقم (١٥/ ١٦٣٢) من حديث ابن عمر.
(٢) أخرجه البخاري موصولاً رقم (١٤٦٨) ومعلقًا في صحيحه (٣/ ٣١١)، (٦/ ٩٩) ومسلم رقم (١١/ ٩٨٣).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (١٤٦١، ٢٣١٨، ٢٧٥٢) ومسلم رقم (٤٢/ ٩٩٨). وقد تقدم.
(٤) في "السنن الكبرى" (٦/ ١٢٦).
(٥) انظر: "المغني" (٨/ ١٨٦ - ١٩٠).
(٦) في "السنن" (٦/ ٢٥١).