في نفع الميِّتِ الواقفِ بما يصلُ إليه من الثَّواب، أو باستمراره، أو نحو ذلك. والوجه في تسويغ البيع لهذا أنَّ المفروض أنّ الواقف وقف لقصد وصول ثواب هذه الصَّدقة إليه، فالعلة معقولةٌ، فما كان أدخلَ في هذه الفائدة المقصودة، وأنفعَ لفاعِلِها فَفِعْلُهُ من باب المعاونَةِ على البِرِّ، وإدخالِ الخيرِ على الغير وهو مندوبٌ إليه للعلم بأنه لا مَقْصِدَ للواقف بتحبيس تلك العين بنفسها، وإن كان غيرُها أصلحَ منها. ولو فُرِضَ أنَّ ذلكَ مقصِدُهُ لكانَ من بابِ الشُّحِّ على بقاء المال، والمحبَّة له، وكراهةِ أن يدخل تحت ملك غيره، وهذا خارجٌ عن الغرض الذي نحن بصدَدِه، وهو أنْ لا مَقْصِدَ للواقفِ إلاَّ القُربة، ووصولَ الخير إليه.
فإن قلتَ: يمكنُ أن يكون تعلُّقُ غَرَضِهِ بتحبيسِ هذه العين [٤ب] بخصوصِها، لكونها أنفعَ من وجهٍ من الوجوهِ وأما باعتبار الحال الذي وقعَ فيه، أو باعتبار المآل؟.
فإن اختلفَ وَجْهُ النفعِ أو الصَّلاح، فكان أحدُهُما أصلحَ من الآخرِ من وجهٍ من الوجوهِ، والآخرُ أصلحُ منه من وجهٍ، فلا بُدَّ من الموازنة بين الوجهين، فإن رجَحَ المنقولُ إليه ساغَ البيعُ، وهذا يَشْمَلُ كلَّ ما يتصوَّرَهُ الذّهن من صور الصَّلاح.