للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان يقومُ بإصلاح البعض. ثُم إذا بيع الكل وجب التعويض لذلك المبيع بمقدار الثَّمن من جنسه، أو من غير جنسه، ممَّا يبقَى وتتأبَّدُ منفعتُهُ.

والوجه في تسويغ البيع أنه يُعْلَمَ أنّ غرض الواقف استمرار الصَّدَقة الجارية، وأنَّ انقطاعها ليس من غرضه، ولا مقصوده، لأنّ المفروض أنَّه من العُقلاء ومِن طلبة الأجْرِ، فوجب حينئذ العمل بما يُعْلَمُ أنَّه من مراده، والمبالغة في نفعه بالثَّواب بكل مُمكن، وليس في الإمكان أبدعُ ممَّا كان. ولا يُعارض هذا تجويز أنَّ بعض ما بطل نفعه قد يرجَى عَوْدُهُ في زَمَنٍ آخرَ، فإنَّ هذا التَّجويزَ ليسَ ممَّا يَعتبرُه العُقلاء في نفع أنفسهم. مثلاً إذا انقطع [الماء] (١) الذي [٤أ] تُسقى به الأرض انقطاعًا يَغْلِبُ على الظنِّ عدمُ عَوْدِهِ، والأرضُ لا تُزْرَعُ إلاَّ بذلكَ، فإنّه يُسَوِّغُ البيعَ إن أمكنَ، أو بيعَ البعض لاستخراج الماء، إذا كان العمل يفيدُ في مثل ذلك. ولا يقال أنّ تجويز عَوْدِ الماءِ في زمانٍ مُسْتَقْبَلٍ يمنعُ البيعَ لما سلفَ.

[ومن جُمْلَةِ المقتَضَياتِ للبيع أن يكون ذلك الوقف في مكان مخافة بعد أن كان في مكان أَمِن بحيثُ يتعذَّرُ الانتفاعُ به؛ فإنَّ هذا لاحقٌ بالأولِ، ومثلُهُ أنْ يكون في أرضٍ فارقها سُكَّانُها] (٢).

ومن جُملةِ المقتضيات للبيع (٣) نَقْلُ مصلحةٍ إلى أصلحَ منْها؛ فإنه إذا كان الوقف في محلٍّ تكثُرُ عليه الغرامات والنَّفقَاتُ، إمَّا لِبعدٍ عن الموقوف عليه، أو لاحتياجه إلى عملٍ كثيرٍ، أو لعروض آفة له في بعض الأوقاف، أو كونه إذا أريد إصلاحه احتاج إلى غرامةٍ لا يقومُ بها الحاصلُ منه، وغيرُهُ بالعكسِ من ذلكَ كالدَّارِ التي تُؤجَّرُ، والأرضُ التي تُزرعُ.

والحاصلُ أنَّ المُعْتَبَرَ أنْ يكونَ الثاني أصلحَ من الأولِ بوجهٍ من الوجوهِ التي لها مدخلٌ


(١) زيادة من نسخة أخرى.
(٢) زيادة من نسخة أخرى.
(٣) تقدم توضيحه.